العمالة… بنكهة سياسية – الكاتب الصحفي فاروق عدنان
العالم الآن – نوفمبر ١٩٨٨ يوم تاريخي ل “جمول” أو ما يعرف بجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية حاولت من خلالها المناضلة سهى بشارة اغتيال انطوان لحد أحد قيادي الجيش الجنوبي أو ما يعرف بجيش لحد. لم تنجح المقاومة بقتل العميل وقضت عشرة أعوام في معتقل الخيام إنما محاولتها سببت ذعرا بصفوف جيش الاحتلال حسب ما ذكر العميل عامر الفاخوري القائد العسكري لمعتقل “الخيام” والمسؤول عن التعذيب الذي أكد خلال التحقيقات أن بعد مقتل كبير العملاء انطوان لحد شعر أن جيشه بدا ينهار فحاول الانسحاب إلى الأراضي المحتلة إلا أن عقيدا في جهاز “الشاباك” الإسرائيلي نبهه إن انتقاله سيسبب بسجنه.
يعود العميل الفاخوري عودة المغترب اللبناني ويستقبله أحد أفراد الجيش اللبناني برتبة عميد في لباسه العسكري، فيثور الشارع اللبناني لاستقبال العميل إلى أن تحركت دولة التيار واصدرت مذكرة توقيف بحقه بعد يومين، خلال استجوابه لم ينكر أنه عميل وأنه كان المسؤول العسكري لسجن الخيام. مع ذألك تصدرت الأبواق العونية الرافضة لتوقيف العميل كالنائب عن التيار الوطني الحر في جزين زياد الاسود الذي اعتبر أن توقيف الفاخوري غير قانوني ولا يجوز احتجازه فسجله العدلي نظيف وقد سقطت عنه التهم مع مرور الزمن، بذلك يكون التيار الوطني الحر قد نفذ اتفاقية مار مخايل الذي نص على عودة المبعدين “قسرا”.
تصريحات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يشدد فيها على عودة “المبعدين قسرا” تتنافى مع أخلاقيات المواطنة اللبنانية فالمبعدين قسرا هم الأدباء، الشعراء، الصحفيين والناشطين الذين اضطروا للابتعاد عن وطنهم بسبب ديكتاتورية حكامهم. إلا أن من يعتقل ويعذب ويقتل ابن وطنه ويتعامل مع العدو الإسرائيلي هو ليس بمبعد قسرا بل تعامل طوعا ويجب أن يحاكم بالإعدام دون أسباب تخفيفية.
التحقيقات مع العميل الفاخوري لم تهدأ الشارع اللبناني فأثبتت التسريبات أن مخابرات الجيش كانت قد أصدرت برقية رقم 303 هدفها التعقب وإمساك كل من يهدد الأمن القومي. إلا أن اسم العميل كان قد سحب من البرقية. تزامن عودة العميل مع فضيحة لوائح العملاء الذين أُزيلت أسماؤهم من البرقية الصادرة عن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، ما يسمح بدخولهم إلى لبنان من دون توقيف، إلا أن المسؤولين المباشرين الذين يستطيعون سحب اسماء العملاء هم مدير عام الأمن العام أو مدير مخابرات الجيش.
التيار الوطني الحر يطالب بالإعفاء وإسقاط صفة المبعدين قسرا وهذا ينذر بالخطر فهو تمرير مباشر لصفقة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.