حداد في العراق وترقب تعديل وزاري بعد توقف أعمال العنف

0 227

العالم الآن – أعلن العراق الأربعاء الحداد ثلاثة أيّام بعد وقوع أكثر من مئة قتيل في تظاهرات وأعمال عنف لم يؤدّ توقّفها منذ 48 ساعة إلى خفض التوتّر بين العراقيين الذين يخشون استمرار الانقطاع شبه التام لشبكة الإنترنت.

وتوجّه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مجدّداً إلى العراقيّين مساء الأربعاء، في كلمة تعهّد خلالها بإجراء “تحقيقات تفصيليّة”، وبمنح تعويضات لعائلات “الشهداء” من المتظاهرين أو أفراد القوات الأمنيّة الذين قتلوا خلال أحداث الأيام الماضية.

وذكّر عبد المهدي بـ”الحزمة الأولى” من القرارات التي اتّخذتها الحكومة السبت “استجابةً لمطالب المتظاهرين والشعب”.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي أيضاً أنّه سيطلب من البرلمان الخميس “التّصويت على تعديلات وزاريّة”، في وقتٍ لا يزال المتظاهرون والزعيم الشيعي النافذ مقتدى الصدر يُطالبون باستقالته.

وفي بغداد، ثاني عاصمة عربيّة من حيث عدد السكّان، بدا واضحاً أنّ الحياة اليوميّة عادت إلى طبيعتها.

وعادَ الازدحام إلى الطُرق في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكّانها تسعة ملايين نسمة، فيما فتحت المدارس أبوابها مجدّداً أمام الطلاب.

كما فتحت الإدارات والمتاجر أبوابها، لكنّ الدخول إلى شبكات التواصل الاجتماعي لا يزال متعذّرًا.

وفي مداخل العاصمة وخارجها، لا تزال النقاط الأمنيّة تُجري عمليّات تفتيش للسيّارات، فيما تمّ نشر قوّات إضافيّة.

وكان العراق شهد منذ الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر تظاهرات بدت عفويّةً تُحرّكها مطالب اجتماعيّة، لكنّها ووجهت بالرصاص الحيّ. وقد أفضت ليل الأحد الإثنين إلى حال من الفوضى في مدينة الصدر، معقل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

واعترفت القيادة العسكريّة العراقيّة الإثنين بحصول “استخدام مفرط للقوّة” خلال مواجهات مع محتجّين في مدينة الصدر ذات الغالبيّة الشيعيّة بشرق بغداد أسفرت عن مقتل 13 شخصاً ليلاً، بحسب مصادر أمنيّة وطبية.

وبلغت الحصيلة الرسميّة لأعمال العنف التي طالت بغداد وجنوب العراق ذي الغالبيّة الشيعيّة أيضًا أكثر من مئة قتيل وأكثر من ستّة آلاف جريح.

وما زال الغموض يلفّ هوّية الذين قاموا بأعمال العنف، إذ إنّ السلطات تحدّثت عن “قنّاصة مجهولين”.

من جهتها، حضّت منظّمة العفو الدوليّة السلطات الأربعاء على “التحقيق بشكل صحيح” في “الاستخدام المفرط والمميت” للقوّة.

وأشارت المنظّمة إلى أنّها قابلت ثمانية نشطاء قالوا إنّهم رأوا متظاهرين يُقتلون برصاص قنّاصة.

إضافةً إلى ذلك، أوضحت المنظّمة أنّها جمعت شهادات تصف “حملة قاتمة من المضايقة والترهيب واعتقال ناشطين مسالمين وصحافيّين ومتظاهرين”.

ورغم توقّف أعمال العنف في بغداد والجنوب، بقيت شبكات التواصل الاجتماعي محجوبةً بعد أن تمكّن الناشطون من تصوير أعمال العنف بشكل واسع.

وحتّى الآن، لم تُعلّق السلطات العراقيّة على قطع الإنترنت الذي يشمل ثلاثة أرباع البلاد، بحسب ما ذكرت المنظّمة غير الحكوميّة المتخصّصة في أمن المعلوماتية “نيتبلوكس”. وحدها منطقة كردستان العراق في شمال البلاد لم تتأثر بهذا القطع.

وقالت “نيتبلوكس” إنّ “هذا القطع شبه الكامل (للشبكة) الذي فرضته الدولة في معظم المناطق، يحدّ بشكلٍ خطير التغطية الإعلاميّة ويحول دون الشفافية إزاء ما يجري”.

وأكّد مزوّدو الشبكة لزبائنهم أنّهم لا يستطيعون إعطاء معلومات.

– أزمة سياسية –

في مواجهة الحوادث الدمويّة، أدّت حركة الاحتجاج الاجتماعي إلى أزمة سياسيّة.

ففي بلد يتأثّر بنفوذ الدولتَين العدوّتَين، إيران والولايات المتحدة، ويتبادل مسؤولوه الاتّهامات بالولاء لقوى أجنبيّة، أطلق الرئيس برهم صالح نداءً إلى “أبناء الشعب الواحد”.

وأعلن عن “حوار وطني” عُقِدت من أجله حتّى الآن سلسلة لقاءات بين برلمانيين وكذلك بين الحكومة وزعماء عشائر وأحزاب سياسيّة.

وكان المتظاهرون أطلقوا هتافات ضد كل هؤلاء الممثلين، وفي حدث غير مسبوق في العراق، لم يستجيبوا مع نداءات شخصيات سياسية أو دينية معروفة.

– “أقصى درجة من ضبط النفس” –

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجيّة الأميركيّة ليل الثلاثاء الأربعاء أنّ وزير الخارجيّة مايك بومبيو دعا الحكومة العراقية إلى التحلّي بـ”أقصى درجة من ضبط النفس”. وأضاف أنّ “الذين انتهكوا الحقوق الإنسانيّة يجب أن يُحاسبوا”.

وقالت واشنطن إنّ بومبيو أدلى بهذه التصريحات في اتّصال هاتفي جرى “مؤخّراً” مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الذي كان قد أعلن الإثنين أنّه تحادث مع وزير الخارجيّة الأميركي.

وأوضحت أنّ بومبيو “أعرب عن أسفه للخسائر في الأرواح خلال الأيّام القليلة الماضية، وحَضَّ الحكومة العراقيّة على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.

وكان مكتب عبد المهدي ذكر في بيان أنّ بومبيو “عبّر عن ثقته بالقوّات العراقيّة ودعم الولايات المتحدة للعراق ولجهود الحكومة لتعزيز الأمن والاستقرار”.

من جهتها، عبّرت لندن الأربعاء عن “قلقها” من دوّامة العنف الأخيرة. وكتب وزير الخارجيّة البريطاني دومينيك راب في تغريدة على تويتر أنّه أكّد لرئيس الوزراء العراقي ضرورة “احترام حقّ التظاهر بشكلٍ سلمي، وحرّية الصحافة”.

وتأتي الاحتجاجات في العراق بينما يستعدّ الجنوب لإحياء أربعينيّة الإمام الحسين، أكبر المناسبات الدينيّة لدى المسلمين الشيعة، بعد أيام قليلة.

ويتدفّق معظم الزوّار من البصرة في جنوب العراق باتّجاه مرقد الإمام الحسين في كربلاء التي تبعد حوالى مئة كيلومتر جنوب بغداد.

وكان نحو 1,8 مليون إيراني شاركوا في هذه المناسبة في 2018، حسب طهران.

وتعليقاً على هذه الأحداث، رأى المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي أنّ “الأعداء” يُحاولون دقّ إسفين بين طهران وبغداد، وذلك في تغريدة الإثنين، بعد الاضطرابات الدامية في العراق.
” ا ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد