“ثورة.. ثورة” من بيروت إلى “مناطق حزب الله”.. والأمن في الشارع

0 268

العالم الآن – خرج آلاف اللبنانيين، الجمعة ولليوم الثاني على التوالي، في مظاهرات حاشدة شملت معظم المناطق اللبنانية، في تحرك يؤكد حجم النقمة الشعبية على السلطة بكافة مكوناتها وأركانها، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة، سعد الحريري، إلى توجيه كلمة لم تفلح في امتصاص غضب المواطنين.

وكان لافتا خروج مظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على حزب الله، أبرز مكونات الحكومة، على غرار الضاحية الجنوبية لبيروت وأخرى جنوباً، خصوصاً مدينة النبطية حيث تجمّع متظاهرون قرب منازل ومكاتب عدد من نواب حزب الله وحركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري.
وأحرق العشرات صورا لبري مرددين هتافات مناهضة لقرينته رندة التي يتهمونها بالفساد. كما طالت الهتافات أعضاء في حزب الله، بينهم رئيس كتلة الحزب البرلمانية محمد رعد.

واندلعت المظاهرات غير المسبوقة منذ سنوات، ليل الخميس بعد إقرار الحكومة ضريبة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت. ورغم سحب الحكومة قرارها على وقع غضب الشارع، لم تتوقف حركة الاحتجاجات ضد كافة مكونات الطبقة السياسية الممثلة في حكومة الحريري.

وعلت مطالب الشارع باستقالتها، في حراك جامع لم يستثن حزبا أو طائفة أو زعيما.

وتصاعدت نقمة الشارع في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وتوجه الحكومة لفرض ضرائب جديدة وسط مؤشرات على انهيار اقتصادي وشيك.
وقطع المتظاهرون طرقاً رئيسية في مختلف المناطق وتلك المؤدية إلى العاصمة ومطار بيروت الدولي، في حين عملت القوى الأمنية مراراً على إعادة فتح الطرق الحيوية.

“ثورة.. ثورة”

وتجمع المتظاهرون في وسط بيروت قرب مقر الحكومة، الجمعة، مرددين شعار “ثورة.. ثورة” و”الشعب يريد إسقاط النظام”، في وقت أقفلت المدارس والجامعات والمصارف والعديد من المؤسسات أبوابها.

ورفع أحدهم لافتة كتب عليها “الإسقاط والمحاسبة، كلهم يعني كلهم”، في إشارة إلى كامل الطبقة السياسية. وهتف متظاهرون بالعامية “برا برا برا، الحريري إطلع برا”.
واستخدمت القوة الأمنية ليلاً خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا الاقتراب من السرايا الحكومية، ما أسفر عن حالات إغماء.

وتواصلت ليلا المواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن في وسط بيروت. وأحصى الصليب الأحمر اللبناني إصابة 23 متظاهرا فيما قالت القوى الأمنية إن إصابات طاولت ستين من عناصرها.

كذلك، تظاهر المئات على الطريق المؤدية إلى القصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت.

كما مزق متظاهرون صورا للحريري في مدينة طرابلس شمالا، حيث يتمتع بنفوذ.

وتظاهر آخرون في مناطق مسيحية محسوبة على التيار الوطني الحر، بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون.

وفي مدينة صور (جنوب)، حيث يطغى نفوذ حركة أمل بزعامة رئيس مجلس النواب، هتف متظاهرون ضدّه، وفق ما أظهرت لقطات على مواقع التواصل.
ومع التظاهرات الواسعة، أبدى الحريري استعداده للتخلي عن السلطة.

وقال “أنا شخصياً منحت نفسي وقتاً قصيراً جداً، إما شركاؤنا في التسوية والحكومة يعطوننا جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً يقنعني أنا واللبنانيين والمجتمع الدولي.. بأن هناك قرارا لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد أو يكون لدي كلام آخر”.

وأضاف الحريري “مهلة قصيرة جداً .. 72 ساعة”.

وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام السياسي وتباين وجهات النظر بين مكونات الحكومة حول آلية توزيع الحصص والتعيينات الإدارية وكيفية خفض العجز، من جهة، وملف العلاقة مع سوريا المجاورة، من جهة ثانية.

وتشكل العلاقة مع سوريا بنداً خلافياً داخل الحكومة، مع إصرار التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل وحليفه حزب الله على الانفتاح على دمشق، ومعارضة الحريري وأفرقاء آخرين لذلك.

باسيل متهم بالتفرّد في الحكم

ويحمل خصوم باسيل عليه رغبته بالتفرّد في الحكم، مستفيداً من علاقته مع حزب الله وبحصة وزارية وازنة.

واستبق باسيل كلمة الحريري بإعلان رفضه استقالة الحكومة، معتبرا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى وضع “أسوأ بكثير من الحالي”.

ودعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الممثلان في الحكومة، الحريري إلى الاستقالة.

ورداً على كلمة الحريري، قالت المتظاهرة كارول (27 عاماً) في بيروت لفرانس برس “من المريع وغير المقبول أن يعتقد أن بإمكانه أن يترك الشعب 72 ساعة فيما كان لديهم 20 و30 عاماً للإصلاح”. وأضافت “الأفضل أن يتنحوا” جميعاً.

ولم تخل التظاهرات من أعمال شغب بدت آثارها واضحة في شوارع بيروت، حيث انتشرت مستوعبات النفايات والإطارات المشتعلة، بشكل عشوائي وسط الطرق.

الضرائب

بدأت التظاهرات الخميس بعد ساعات من فرض الحكومة رسماً بقيمة 20 سنتاً على التخابر على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة واتساب، لكنها سرعان ما تراجعت عن قرارها على وقع التظاهرات.

وتدرس الحكومة فرض ضرائب إضافية على الوقود ورفع ضريبة القيمة المضافة.

ولم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة الناتج عن تدهور الوضع الاقتصادي، والذي ترافق مؤخراً مع ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق السوداء إلى أكثر من 1600 مقابل الدولار الذي بات من الصعب جداً الحصول عليه.

وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0,2 في المئة، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد.

ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وتبلغ نسبة البطالة أكثر من 20 في المئة.

وتعهدت الحكومة العام الماضي إجراء إصلاحات هيكلية وخفض العجز في الموازنة العامة، مقابل هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار، لكنها لم تتمكن من الوفاء بتعهداتها.

وفي 2015، شهدت بيروت تظاهرات كبيرة ضد أزمة نفايات، لكنها لم تكن بهذا الحجم واقتصرت بشكل أساسي على العاصمة.

” الحرة”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد