رمانة – صالح العجلوني – الأردن
العالم الآن – في طريقٍ صحراوي مقفرٍ لا يسلكه إلا العارفون أو التائهون و بعض أخيلة الليل المتعبة التي ترسمها أضواء السيارات على جدران العتمة، شاهدتُ ظلاً خُيلَ لي من بعيدٍ أنه جمل شارد أو شبح استغل عباءة الليل وخرج ليمارس هوايته في إرهابِ مرتادي ذلك الطريق ، وكلما اقتربت من ذلك الخيال تداخلت قائمة تخميناتي حول كنه ذلك الجسم الذي يرتسم بأشكال تبعث الريبة في النفس وبَقِيَت هذه الريبة تسيطر على المشهد إلى أن أصبح ذلك الشيء في مرمى مصابيح السيارة وعندها تكشفت لي الحقيقة فإذا به إنسان متعب الخطى يحمل صرةً كبيرةً فوق ظهره وهي التي بدت من بعيد كأنها سنام جمل ، فتوقفت عنده وسألته عن وجهته ومن اجابته عرفت أنه قد ظل الدرب فحملته معي وحاولت فك عجمت حروفه لأعرف احداثيات المكان الذي يقصده ؛ فهو رجل أسيوي لا يقوى على الافصاح والبيان فجلت به حول المعالم التي استطاع أن يصفها لي وبعد وقت ليس بالقصير استطعنا ان نصل الى ذلك المكان الذي استدل عليه عندما لمح صديقه الذي كان يقصده واقفاً على جنب الطريق ؛ لأنه قد استبطأ حضوره ، وبعد أن توثقت من أنه قد بلغ مأمنه قررت الذهاب فإذا به يستوقفني فتوقفت لأرى ماذا يريد مني؟؟ وهنا كانت قمت ذلك الحدث حيث مد يده إلى صرته التي كان يحملها وأخرج منها رمانةً ليكافئني بها وليعبر من خلالها عن امتنانه للخدمة التي قدمتها له فحاولت أن اعتذر منه عن أخذها بحجة أن عندي في البيت رمان ، الا أنه أصر فقلت له هل عندك غيرها فقال نعم بقي عندي واحدة ، وأمام اصراره اخذت الرمانة التي كانت تمثل نصف ثروته لكي اشعره انني لم أكن اتصدق عليه وانه دفع ثمن ما قدمته له من خدمة …
فعدتُ بالرمانة إلى رحلي متعجباً من صنيعه، وعاد هو بالصفاء إلى نفسه …
ورضينا بالرمانة جزاء و أجراً ؛ فما أجمل عطايا البسطاء!! وما أنبل مساعدة الضعفاء!!
وقعت أحداث هذه القصة مع صديقي وأما الحروف فهي لي …