الهزاز – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – كان لبيت جدي جيران ، عندهم كرسي “هزاز” ، وكانت فرحة أبناء الحي كبيرة بهذا الكرسي الذي يتحرك وحده ، وكل ما يحتاجه “دفشة وحدة” ، ليستمر بالحركة لفترة ما ، ثم يتوقف من تلقاء نفسه ، ليعاود الحركة كلما أراد له صاحبه أن يحركه ، فقط باشارة من يده ، أو بدفشة، بأحد أصابع يده ، أوبقبضته .
الجيران أُحضروا هذا الكرسي ” الهزاز ” من بلد مجاورة برفقة صاحبه المهاجر ، ومن شدة تعلق صاحب الكرسي به ، شحنه مرة أخرى عندما تم نفيه لارتباطات فكرية وحزبية إلى بلده مرة أخرى ، إلى أن افترق عنه لاعتقاله ، ليعاود الجلوس على كرسيه ” الهزاز ” بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية إلى أن توفاه الله ، إذ ورث أبناؤه الكرسي .
هذا ” الهزاز ” ، بعد أن مات صاحبه ، الذي كان يتأرجح بين بلدين وهو حامل فكره ، انتقل إلى بيت الابن ، واحتار الابن في كيفية استثمار هذا الكرسي وتوظيفه جيدا … فكر كثيرا ، بعد أن سنحت له الفرصة أن يجلس على هذا الكرسي الهزاز ، ولايمانه بأنها فترة قصيرة، كان عليه أن يجيد استخدامه بطريقة أمثل .
فكر وفكر ثم قرر صاحب ” الهزاز ” أن يجلس على الكرسي ويتلاعب بالمناهج بطريقة يسيطر فيها على الفكر ، ونجح في ذلك ، إذ نهض ودعم ساعة الكهرباء بوضع الكرسي الهزاز تحتها ، فزادت نسبة سحب الكهرباء ، ونجح في زيادة قراءة العداد … أصابته النشوه فقرر أن يستخدم الكرسي لزيادة فاتورة الماء ، بوضعه تحت عداد الماء ، فأصبح يعد الهواء قبل الماء ، فرفع قيمة الفاتورة الربعية ، وازداد غروره فقرر حينها أن يضع هذا” الهزاز” عند باب المنزل ، ومنح فرص وتسهيلات لمزيد من اللاجئين المستثمرين إلى المنزل حتى لم يعد المنزل يتسع لاهله ، وأصبح سكان المنزل الاصليين يتَمنون لو كانوا لاجئين بهذا المنزل، لا مالكين أساسيين له ، خاصة بعد زيادة المديونية على أهل الدار الاصليين ، والتي تشمل ولد الولد ، وصولا لمن هو ما زال في علم الغيب ولم ير النور بعد.
أخيرا فكر صاحبنا ” الهزاز ” ، بعد نجاحه في التخبط ورسم السياسات غير المجدية ، وتمكنه من رفع المديونية وزيادة الدين العام ، وتردي الأوضاع الإقتصادية ، وفشله في حل الأزمات التي تعترضه ، باجراء تعديل رابع على هذا الكرسي من خلال تبديل أماكن بعض الأرجل الامامية بالخلفية ، وبعض الأرجل الخلفية بالأمامية ، وفك بعض الأرجل الأمامية وركنها في المخزن ، واستخراج الارجل القديمة من المستودع ، وإعادة استخدامها كونها تعمل ضمن “السيستم” ولا تخرم به ، إضافة الى الاستعانة ببعض الاكسسوارات الجديدة( لزوم ايهام الناس بالتغيير) ، ولبث روح الامل بتحسن السياسة وما بني عليها من أوضاع .
استمر ” الهزاز” بعد ادخال بعض التعديلات الجديدة لتدعيم الكرسي من تجاهل الوضع الاقتصادي، الذي فرض علينا الدخول داخل الزجاجة ، وكان قد وعدنا كما وعدنا مَن كان قبله بقرب خروجنا من عنق الزجاجة ، إلا انه في واقع الحال تركنا داخل الزجاجة بعد أن احكموا اغلاقها علينا .
اليوم ، ورغم الحلة الجديدة التي ادخلوها على” الهزاز” ، سيبقى الحال على ما هو عليه…عبارة عن كرسي “هزاز” ، دفشة صغيرة تجبره على الحركة ، وبقبضة يتم ايقافه ، ولا يسمح له بالحركة ، وعليه التوقف فورا ، لنبقى نحن المواطنين بانتظار التخلي عن هذا” الهزاز” كما تم التخلي عن سابقيه من الكراسي ، وانتظار الكرسي الجديد ، لأن الكراسي لا تدوم ..