كاريزما الدبلوماسي السعودي – بقلم عبدالسلام العنزي

0 995

 

العالم الآن ديفيد لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني 1915 – 1922، الذي كان المدافع الأكبر والمخطط الأخطر للطموحات الصهيونية والذي تحقق في زمانه الأغبر وعد بلفور، سأله أحد الصحفيين البريطانيين عما أبقاه في سدة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوروبية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله في تلك الحقية العصيبة فقال: «إنني ألائم بين ما أضعه في السنارة ونوع السمك».

فصفات الشخص الدبلوماسي كما حددها الدبلوماسي البريطاني الشهير (هارولد نيكسون) هي المصداقية، الرقة، الهدوء، الصبر، التواضع والأخلاق الطيبة، وقبل ذلك وفي إرثنا الإسلامي قول الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان: لو أن بيني وبين الناس شعرة لما قطعتها، ويقال إن الدبلوماسية هي بنت السياسة.

فمن خلال ذلك وددت أن نتعرف على ماهي الصفات التي يجب أن يتحلى بها الدبلوماسي بشكل عام والصفات التي تخلق كاريزما خاصة للدبلوماسي السعودي على وجه الخصوص؟، والذي بات علينا كسعوديين لزاما وأولى من غيرنا أن نتحلى بها، كون هذه المرحلة الحالية والحساسة أصبحت مختلفة عما قبلها، فالجهد المطلوب بذله حاليا مضاعف عما كان في السابق والالتزام والتحلي بهذه الصفات أصبح من الغير مقبول التنازل أو التخلي عن جزء منها.

فاعلم أخي الدبلوماسي السعودي أن الجميع يراقب تصرفاتك، فأنت لست كغيرك، الهموم كثيرة والآمال التي يعقدها عليك وطنك أكثر، نعيش فترة استثنائية وحالة مليئة بالأحداث من هنا وهناك، المجتمع الدولي بات مليئا بالقضايا الشائكة التي تتطلب منا المعرفة الكاملة والدقيقة بتفاصيلها، أصبحت مسؤوليات الدبلوماسي السعودي كثيرة ومعقدة، وتحتاج صفات وكاريزما مختلفة عن الآخرين، فمن السهولة جدا البحث عن المعلومة كما هي السهولة أكثر نشر الفضيحة.

فالدبلوماسي حين تدق أجراس رحيله لمغادرة هذا الوطن العظيم أصبح لزاماً عليه أن يحمل إضافة إلى حقيبة سفره، التسلح بالمعرفة الكاملة وبالقضايا التي تهم بلده ومواقفه الصادقة والواضحة لدى المجتمع الدولي، وأن يعرف أنه يحمل رسالة وطن قائمة على نشر رسائل الحب والسلام التي زرعتها قيادتنا الحكيمة في صدورنا وارتوت بها قلوبنا من إرث تاريخها الكبير، ذاك التاريخ الذي تعاقب على صناعته الأجيال وحمله لنا الأجداد والآباء ليصل إلينا ناصع البياض.

فالسلوك المتزن والثقافة العالية، إضافة إلى حسن التعامل مع الآخرين والحفاظ على قيمنا وعاداتنا وتراثنا ما هي، إلا أساسيات يحتزم بها الدبلوماسي السعودي لصناعة كاريزمته الخاصة، في بلدان تنظر لك بأنك مختلف عن غيرك من الدبلوماسيين الآخرين، فكاريزمتك والتي جئت بها تنطلق من عمق الصحراء ومعهد الحضارات، والتي تحمل معها لواء الدين والعروبة والإسلام والقيم الإنسانية، من وطن منفتح على غيره من الشعوب والثقافات المختلفة، من بلد دافع وما زال يدافع عن الإنسان والإنسانية، ويقوم على احترام خصوصيات الغير ولا يتدخل فيها، جئت من دار قوم صنعوا المستحيل ونصروا المظلوم ولم يتخلوا يوماً عن مساعدة من يحتاج المساعدة، إذ سجل وطننا الكثير من الوقفات الإنسانية وسطر أعظم دروس الوفاء والالتزام بمواثيق العلاقات القائمة على الاحترام والصدق.

فالمساعدات العينية والمادية التي قدمتها السعودية للجميع دون استثناء ماهي إلا رسالة صادقة نقدمها للعالم بأننا رسل سلام وصانعو محبة ووئام، وبأننا ننظر للجميع بعين سواء؛ إذ قدمت تلك المساعدات من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والتي نفخر بها جميعا، فهذه الوقفات الخالدة لا تعد ولا تحصى، فهاهي مملكة السلام تمد يد العون في غالب الكوارث التي تمر بها دول العالم دون إشهار أو منة أو إملاءات.

فاعلم أخي الدبلوماسي السعودي أن زملاءك وإخوانك في الغربة والتعاون معهم هم وقودك للنجاح، حين تتماسك أيديكم سويا لخدمة وطنكم تعلو بذلك هممكم وتسمو أخلاقكم، ضعوا بين نصب أعينكم الوطن ولا شي غيره.

وأخيرا… وليس آخرا كن خير رسول لخير بلد، كي تعود مكللا بالنجاح والرفعة لك ولوطنك ودينك ومليكك.

AbdulsalmEnazi@

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد