لم أكتب عنه – صالح العجلوني – الأردن
العالم الآن – سألني أحدهم لما لم تكتب عن الشهيد وصفي التل رحمه الله؟؟؟ فقلت له يا سيدي وماذا عساني أضيف للبخور إن قلت عنه أنه سيد العطور ؟؟ بل وماذا أضيف للزهور عندما أنعتها بأنها تشرح الصدور ؟؟ أو ماذا سأضيف للشمس إن قلت أنها مصدر الضوء في اليوم والأمس؟؟
لا شيء… لا شيء سأضيفه أتدرون لماذا؟؟؟؟
ليس لأني لا أملك ما أقول عنه، وليس لأني لا أعرف كيف أقول … بل هناك سبب جوهريٌ أوقف الحروف مراراً في فمي عن المرور ؛
فمن أصعب أنواع الكتابة أن تكتب عن بطل مشهور؛ فكل ما لديه من خصالٍ يعرفها الحضور ، وكل ما تريد أن تقوله موثقٌ في السطور محفوظ في الصدور …
فماذا تراك تقول؟؟؟
فالكلام المعلب والمكرر والمدور لا يلقى قبول …فجمال اللفظة في بكارتها وجمال الفكرة في إثارتها ، وإن لم يكن قولك كذلك فاصمت ؛ فالصمت في حضرة الحادثات عبرة ؛ إن أنتج فكرة ، وإلا فهو صمت لا محل له بين أفعال التفكر والتدبر.
وأشد ما استوقفني في سيرة أيقونتنا الأردنية الخالدة تلك ؛ أفكارٌ أحببت أن أبوح بها:
الفكرة الأولى تقول: ترى هل طرأ تغيير على مهام رئيس الوزراء لدرجة أن نصل إلى أنّ أقوى قرار يمكن أن يتخذه رئيس الوزراء هو تقديم و تأخير عقارب الساعة أو في تحديد موعد إجازة المناسبات الدينية والوطنية أو تفويض الصلاحيات للحكام الإداريين بتعطيل الدراسة في موسم الشتاء ؟؟؟
وهنا يأتي سؤالٌ منسابٌ بكل براءة: هل الهيبة أو السطوة أو السيادة للقانون أم لمن يقوم بتطبيق القانون ؟؟؟
ونحن هنا على علم بهيبة وصفي رحمه الله -بلا شك – ولكن الشك يتملكنا في الحديث عن غيره.
الفكرة الثانية وهي منبثقة عن الأولى وتقول:
هل نحن في دولة مؤسسات وقانون ، أم نحن في دولة شخصيات وفنون ؟؟؟
فدولة المؤسسات والقانون يكون الفيصل فيها لميزان الصائغ وليس لكفه.
أما الفكرة الثالثة فتقول: جميلٌ أن نستذكر الكرام ونحيي ذكراهم ونترحم عليهم ونستذكر مآثرهم ، ولكن الأجمل هو أن نحيي نهجهم بشكلٍ مؤسسي بحيث أَنّ من يأتي بعده ما عليه إلا أن يحمل الراية ويكمل المسيرة ؛ فلا يترك المكان شاغراً منتظراً أن تجود علينا الكروموسومات الأردنية بتركيبة جينية فريدة لتعطي صاحبها ذلك التميز والتفرد الذي يؤهله للإنصاف والإصلاح والعدالة.
رحم الله شهيدنا الكبير دولة المرحوم وصفي التل وأسكنه فسيح جنانه ورحم الله فتى الأردن الذي لم يزده الغياب إلا حضوراً …
والسلام عليك يا وصفي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
وحمى الله البلاد والعباد من كل شر مراد .