قانون أميركي بشأن هونغ كونغ يثير غضباً واسعاً في الصين
العالم الآن – استدعت الصين، أمس، سفير الولايات المتحدة وهدّدت بـ«الرد» بعدما وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على قانون يدعم المتظاهرين المدافعين عن الديمقراطية في هونغ كونغ، في وقت تسعى أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم للتوصل إلى هدنة تجارية.
ووقّع ترمب القانون تحت ضغط كبير من الكونغرس، حيث حصل التشريع على تأييد نادر من نوعه من الحزبين. وتحدّث في بيان عن «احترامه» للرئيس الصيني شي جينبينغ، داعياً الطرفين إلى «تسوية خلافاتهما ودياً»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. لكن بكين ردّت بغضب، واستدعت السفير الأميركي، مهدّدة باتّخاذ «إجراءات مضادّة حازمة».
وقال بيان وزارة الخارجية الصينية إن الخطوة الأميركية «بغيضة للغاية، وتحمل نيات خبيثة». وأضافت الوزارة لاحقاً أن «الصين تحض بشدة الجانب الأميركي على تصحيح أخطائه وتغيير مساره». من جهته، صرح المتحدّث باسم السفارة الأميركية بأن «الولايات المتحدة تعتقد أن الحكم الذاتي في هونغ كونغ وامتثالها لحكم القانون والتزامها بحماية الحريات المدنية تعد غاية في الأهمية للمحافظة على وضعها الخاص بموجب القانون الأميركي».
أما في هونغ كونغ، فأعربت الحكومة عن «أسفها الشديد» بعدما وقّع ترمب القانون الذي ينص على مراجعة وضع الحريات في هونغ كونغ بشكل سنوي، وحظر بيع المعدات المستخدمة للسيطرة على الحشود على غرار الغاز المسيل للدموع.
وأفادت حكومة هونغ كونغ بأن «القانونين يتدخلان بوضوح في شؤون هونغ كونغ الداخلية»، محذرةً من أنه من شأن الخطوة أن «تبعث برسالة خاطئة إلى المتظاهرين». وأدان مكتب الاتصال التابع لبكين في المدينة سلوك واشنطن «المقزز»، مشيراً إلى أنه سيتسبب بـ«مشكلات وفوضى» في هونغ كونغ.
وتظاهر سكان هونغ كونغ بأعداد ضخمة خلال الأشهر الستة الماضية، على خلفية سنوات من المخاوف المتزايدة من تقييد الصين الحريات في المدينة. ولم تقدّم حكومة المنطقة المدعومة من بكين الكثير من التنازلات، بينما نفّذت الشرطة حملة أمنية مشددة ضد المتظاهرين في إطار مواجهات اتّخذت منحى عنيفاً بشكل متزايد.
وتم توقيف أكثر من 5800 شخص وتوجيه اتهامات إلى نحو ألف، بينما ازدادت عمليات الاعتقال خلال الشهرين الماضيين. واقتحمت الشرطة أمس، حرم جامعة «البوليتكنيك» في هونغ كونغ بعدما حاصرتها لأيام. وغادر معظم المتظاهرين المكان، وتعرّض بعضهم للاعتقال والضرب لدى محاولتهم الفرار بينما جمعت عناصر الشرطة أدلة بينها قنابل حارقة وأقواس رماية من الموقع.
لكن العنف لم يؤثر كثيراً على الدعم الشعبي للحراك، إذ حقق المرشحون المدافعون عن الديمقراطية فوزاً ساحقاً في انتخابات المجالس المحلية التي جرت نهاية الأسبوع.
ويحثّ «قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ» الرئيس الأميركي على مراجعة الوضع التجاري التفضيلي للمدينة سنوياً ويهدد بإلغائه في حال تم تقييد الحريات في المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. ووقّع ترمب كذلك قانوناً يحظر بيع الغاز المسيل والرصاص المطاطي وغيرها من المعدات التي تستخدمها قوات الأمن في هونغ كونغ ضد المتظاهرين.
وفي واشنطن أيضاً، أصدر عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان ماركو روبيو وجيم ريش، إلى جانب الديمقراطيين بين كاردن وبوب مينينديز بياناً مشتركاً للترحيب بقرار ترمب. وقال روبيو: «بات لدى الولايات المتحدة الآن أدوات جديدة وذات معنى لمنع مزيد من التأثير والتدخل من بكين في شؤون هونغ كونغ الداخلية».
وأفاد ناشطون في هونغ كونغ بأن الهدف من الخطوة بناء دعم دولي لحراكهم. وقال الطالب ساني شيونغ، الذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس دعماً للقانون، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه سيمنح «شعب هونغ كونغ قدرة على التأثير في الوقت المناسب للضغط على هونغ كونغ وبكين لإدخال إصلاحات ديمقراطية».
يشار إلى أن تكهّنات سرت في الأيام الماضية بأن ترمب قد يمنع صدور القانون لحماية فرصه في ضمان إبرام اتفاق تجاري مع الصين، مع تزايد زخم حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية العام المقبل. لكنه كان سيواجه تجاوزاً من الكونغرس، حيث يمكن لثلثي الأصوات إلغاء قرار للرئيس.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، في بيان، إن «هذا القانون الذي أقره المجلسان وحزبان يؤكد مدى التزام أمتنا بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون في وجه حملة بكين الأمنية». وأضافت: «أنا سعيدة لتوقيع الرئيس هذا القانون وأتطلع لدخوله حيّز التنفيذ فوراً».
وأكد ترمب، الثلاثاء، أنه يقف «إلى جانب» المتظاهرين، لكنه شدد في الوقت ذاته على علاقاته القوية بشي وجهوده للتوصل إلى حل للحرب التجارية بين البلدين. وقال: «تسير الأمور بشكل جيد للغاية، لكننا نريد أن نراها تسير بشكل جيّد كذلك في الوقت ذاته في هونغ كونغ». وأضاف: «أعتقد أن ذلك سيحصل. أعتقد أن الرئيس شي قادر على تحقيق ذلك».
” الشرق الاوسط”