سارة السهيل تدعو بالفحياء احياء ادب الرحلات والنوادر والفكاهة الشعر، قلب وروح الحكمة والقصة ولدت بمأساة قابيل وهابيل
العالم الآن – احتفت جمعية الفيحاء في عمان بالأردن ولجنتها الثقافية برئاسة عبدالله كنعان، بالكاتبة والشاعرة سارة السهيل في لقاء ثقافي ممتع حول تجربتها الابداعية في الكتابة الشعرية وادب الاطفال والقصة في حضور معالى السفير عزيز اريحانى سفير الكويت بالأردن وسيدة المجتمع فوزية ابو دلبوح وسيدة المجتمع صبيحة المعايطة والكاتب العراقى صفوت فهيم كامل والسيدة سعاد حجازين والسيدة ديمة حواتمه والأستاذ طارق الطباع والأستاذ محمد الخطاب والأستاذ موسى الحوامدة وكوكبة من المثقفين والمبدعين.
شهدت الأمسية التي أدارها الأديب الدكتور عبد الفتاح البستاني، سياحة ثقافية ممتعة وشيقة قدمتها سارةالسهيل حول اثر اختراع الكتابة في نشأة الحضارة الانسانية ،وأثر الشعر والقصة والادب عموما في حياة المجتمعات والارتقاء بها.
وفي تقديمه للامسية قال ان الثقافة عند سارة السهل مركب معرفى يشمل الفنون والشعر والموسيقى وألأدب والموسيقى في تكامل بديع يشكل المعرفة والحكمة والإبداع .
وأكد ” بستاني ” ان االهوية الثقافية العربية جذرت لدور المرأة ومكانتها، فاختارتها ملكة في سبأ باليمن، واحتفت بزنوبيا ملكة تدمر بالشام وهي تتصدي لإمبراطورية الرومان الى الأنماط فى جنوب الأردن الذين نحتوا من الصخر مدينة البتراء لتصبح احد اهم عجائب الدنيا الى الولادة بنت المستكفى بنت الخليفة الأموى التى اسست صالون ادبى قبل ألف عام فى قرطبة بالأندلس.
وتعبيرا عن وحدة العرب الثقافية، اختار ” البستاني ” أن حضر العراق بقوة من خلال موال بغدادي من شعر نزار قبانى، بعد أن تزوج من بلقيس العراقية، وليعبر به عن عشق العراق ومنه الي عشق أدب سارة السهيل، ثم قدم بطاقة تعارف عن دراستها واعمالها الأدبية الشعرية والقصصية وكتب تعليمية باللغة العربية والإنجليزية حيث صدرلها ثلاثة دواوين مطبوعة، ولها تحت الطبع كتاب ( معا ضد العنف) بجانب نشاطها الثقافي الواسع بالندوات والمؤتمرات.
ثمنت”سارة السهيل ” تقدير مسئولي جمعية الفيحاء لها واستضافتها في هذا اللقاء واعتبرته وسام شرف، وتطرقت الي رحلتها العلمية التي انطلقت من مدرسة الراهبات الوردية بالادرن وتواصلت بدراسة ادارة الاعمال فى لندن، ودراسة الاعلام بالقاهرة، بجانب عدة دراسات فى حقول علم النفس وحقوق الإنسان ورياض الأطفال وغيرها.
وانتقلت ” السهيل للحديث ” عن تجاربها الابداعية التي انطلقت من مدخل الشعر، باعتباره الباب لعالم الكتابة فكتبت أول قصيدة في طفولتها عن فلسطين، وكيف شجعها والدها علي عشق الاداب والفنون من خلال صالونه الثقافي. وقدمت ” السهيل ” نبذة مختصره عن ارتيادها حقل الكتابة للاطفال بعد ان فقدت والدها شهيدا، وشعرت بعدها انها مسئولة عن كل طفل بالعالم، فكتبت اول قصة (سلمى والفئران الأربعة) وتحولت لمسرحية وبمعرض القاهرة الدولي للكتاب فى حضورها لاول مرة صنفت به انها طفلة تكتب للأطفال.
سياحة ثقافية
واختارت ” السهيل ان تنحي تجربتها الادبية جانبا، لتدخل الحضور في الامسية في سياحة ثقافية عبر عدة محاور تتصل باختراع الكتابة واهميتها في نشأة الحضارات، وأثر كل من فنون الشعر والقصة في حياة المجتمعات. كما عرجت ” السهيل” الي الابداع العربي النابض بالحياة حتي يومنا هذا ممثلا في ادب الرحلات كما في تجربة ابن بطوطة، وأدب البخلاء ممثلا في تجارب الحاخظ وأدب الفكاهة والنوادر كما قدمه جحا.
وقالت ” السهيل ” ان الكتابة اعظم اخترا ع بشري، لانها سجلت لنا تاريخ الشعوب والقوانين الخاصة بها وحافظت لنا علي العلوم والمكتشفات من الضياع لكي تورثها للأجيال المتعاقبة. فهذا التدوين بالكتابة هو الذي حافظ النصوص الدينية المقدسة كالقرآن الكريم وقصص الانبياء وتراث المبدعين في شتي مجالات الحياة. وأكدت انه لوما سجله لنا الاوائل من معارف زراعية وبحرية وصناعات بدائية لما توصلنا الي الثورة الزراعية او الصناعية او التكنولوجية الراهنة، لأن العلم تراكمي بطبعه.
وانتقلت ” السهيل ” للحديث عن الشعر، وقالت انه يمثل قلب وروح الحكمة في الحياة، والصراع الإنسانى فالشاعر المتمكن يقدم عبر عدة أبيات شعرية خلاصة التجربة الانسانية بما فيها من احلام وآلام وثقافات ومفاهيم ومعارف، فالشعر وعاء مملوء بكل المعارف والثقافات ولكن في قالب يغذو القلب والعقل معا.
فالشعر عبر الحقب الزمنية الطويلة كان مرآة تعكس لنا حياة الانسان ومشاعره ومواقفه في الفرح والحزن والحرب والسلم، والحب وانكساراته ونشوته وتحليقه. وعن جمال الطبيعة وسحرها، و الاطلال وما تختزنه من اسرار، وعن قيم البطولة والفداء للأوطان. وكما سبحت القصائد بنا في بحار وانهار المشاعر الجياشة وحلقت بنا في سماء لا نهائية من الاخيلة المدهشة عبر لغة رقراقة عزبة نقية معطرة بروائح الورد والفل والياسمين وكأنها نسيم عليل يتسلل الي جوارحنا فتطفئ نيران التجارب الموجعة في حياتنا.
كما تناولت ” السهيل ” القصة وتأثيرها على نفوس الاجيال صغرا وكبارا. وأكدت ان الفن القصصي قد اقترن بميلاد الانسان عبر قصة هابيل وقابيل وبينهما طائر الغراب المعلم، ولذلك نجد ان كل واحد فينا صغيرا ام كبيرة تمثل رحلتة في الحياة قصة درامية عميقة تمتد من المهد الي اللحد.
وقالت “السهيل ان ” القصة ” تخلد معاناة الانسان وطموحاته، كما تنقل التجارب الخبرات الحياتية بين الناس حتي قيام الساعة، ولذلك فان الذاكرة الانسانية تحتفظ بروائع الادب القصصي العالمي مثل ” كوخ العم توم ” لـ ” هارييت بيتشر ستو“ 1852، لانها من أكثر الأعمال تعبيرا على حركة التحرر من العبودية، فقد كشفت عن قسوة العبودية والاستغلال البشري وازدواجية الأنظمة القانونية والمجتمع الذكوري.
وكذلك رواية فرانكشتاين، لـ ”ماري شيلي“ 1818، وبرغم مرور 200 عاما علي صدورها الا انها خالدة لانها حاولت اعادة مفاهيم الحياة والموت، والإنسان والآلة في ظل قسوة العالم الحديث، ومخاوف العلماء من خروج الآلات التي يصنعونها عن سيطرتهم.
وكذلك حكايات ” ألف ليلة وليلة ” وكيف انها تبرز قوة السرد القصصي والأدب والحكمة في مواجهة العنف والظلم والتعسف.
بجانب الابداعات العربية المعاصرة لنجيب محفوظ التي حللت واقع الانسان في محيطه الاجتماعي، وكذلك أدب الاطفال الذي ارتكز علي مخاطبة الاطفال بفضاء الخيال العلمي كما ابدع رائده الفرنسي جول فيرنJules Verne منذ اول اعماله (خمسة أسابيع في منطاد) في فرنسا (1863)، ثم أتبعها بروايته (رحلة إلى جوف الأرض) وبعدها كتب رائعته (من الأرض إلى القمر) 1865 التي تخيل فيها رحلة إلى القمر. والكاتب العراقى على الوردى وكتابه المختلفة. ولكن هذا الخيال من الرواية قد تحقق بعد قرن من الزمن في 20 تموز 1969 حيث هبط أول إنسان على القمر.
كما عرجت الامسية، حسبما وجهت سارة السهيل دفتها، علي بعض الكتابات العربية التراثية الشيقة والتي لا يزال صداها حيا وتستمتع به كل الاجيال العربية مثل أدب الرحلات، وأدب البخلاء كما في كتاب الجاحظ، وأدب الفكاهة والنوادر كما في تجارب جحا وحماره.
ودعت ” السهيل ” في هذا السياق الي ان نتعاون معا في احياء هذه الالوان الادبية الممتعة من ادب الرحلات الي ادب الفكاهة والملاحظة عن الجاحظ وجحا وغيرها وتلخيصها بتصرف وتقديمها للصغار في المناهج التعليمية المبكرة وتربية ذائقتهم عليها لتنمية قدراتهم العقلية والنفسية والروحية معا.
ودار حوار بين سارة السهيل والحضور بدأته سارة بالترحيب بسفير الكويت فى الأردن معبرة عن سعادتها لحضوره على مستوى البلد والمستوى الشخصى شاكرة الحضور عن الأسئلة التي دارت حول الغزو الثقافي، واهمية الحفاظ علي اللغة والهوية العربية، واهمية احياء دور الرقابة المجتمعية للحفاظ علي الذائقة العربية من التلوث والمؤامرات الخارجية.
وأعربت ” السهيل ” عن أمنياتها بأن حديثها يديم الله الأمان والسلام على الأردن وكل الدول العربية، وقالت حبى للعراق مثل حبى للأردن فانا اردنية عراقية، عراقية اردنية
واختتمت حديثها بقصيدة بعنوان (شموس بلادى):-
أَنْتَ الْعِرَاقُ فَسُبْحَانَ الَّذِي وَهَبَا
أَرْضُ تَفِيضُ رِجَالاً تَصْنَعُ الْعَجَبَا
أَرْضُ الْعَرَاقَةِ والأَعْرَاقِ جَوْهَرُهَا
يُحْيِي صَمِيمَ الْأَمَانِي بَعْدَمَا اسْتُلِبَا
أَرْضُ الْوَفَاءِ بِلَادِي رَغْمَ شِدَّتِهَا
تُعْطِي وَتَمْنَعُ لَا عَجَبًا وَلَا رَهَبَا
لَكِنَّهَا وَثْبَةُ الضَّارِي وَعِزَّتُهُ
وَرَهْبَةُ الْفَيْصَلِ الدَّامِي إِذَا غَضِبَا
وَمَارِدٌ وَهَبَ التَّارِيخَ بَهْجَتَهُ
وَعَاصِفٌ وَحَّدَ الْأَمْوَاجَ وَالسُّحُبَا
تَاجُ الْمَمَالِكِ بَغْدَادُ وَرَوْنَقُهَا
سِحْرُ الزَّمَانِ وَأَبْهَى مَا بِهِ كَتَبَا
نَبْعُ الضَّمِيرِ وَصَوْتُ الْحَقِّ مَا عَرِفَتْ
آيَاتُهُ وَصَدَاهُ أَيْنَمَا ذَهَبَا