يدفعوننا للحرب.. “غاندي الصحراء الغربية” تدق ناقوس الخطر
العالم الآن – حذرت أمينة حيدر، التي تلقب بـ”غاندي الصحراء الغربية” بسبب نضالها السلمي في هذه القضية الحساسة بالمغرب، من ضرورة التحرك سريعا لتفادي تحول الأزمة إلى حرب.
وقالت الناشطة الحقوقية الصحراوية، البالغة من العمر 52 عاما، إنها تخشى من أن يتخلى الشباب في المنطقة المتنازع عليها عن الأمل في تحقيق حكم ذاتي من خلال وسائل غير عنيفة.
وقالت حيدر لوكالة فرانس برس في جنيف الأسبوع الماضي “يجب على المجتمع الدولي التصرف دون إضاعة المزيد من الوقت لأن الشباب لم يعد لديهم صبر. لم يعودوا يؤمنون بالمقاومة السلمية”.
وأصرت الناشطة، التي ستحصل الأربعاء على جائزة مرموقة لحقوق الإنسان في ستوكهولم، على أن الأمم المتحدة وأوروبا وفرنسا وإسبانيا على وجه الخصوص تتحمل مسؤولية “لتجنب الحرب” في المنطقة.
ضمت المغرب الصحراء الغربية في العام 1975 في الأيام الأخيرة من حكم الديكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو، مما أدى لاندلاع حرب مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وافق الجانبان على وقف إطلاق النار في العام 1991، وتم نشر بعثة للأمم المتحدة لمراقبة الهدنة وإعداد استفتاء حول استقلال الصحراء الغربية عن المغرب، لكنه لم ينظم.
وقوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (مينورسو) المكونة من 240 عنصرا من ذوي الخوذات الزرقاء مكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار، المستمر منذ نحو ثلاثة عقود.
البوليساريو والاستفتاء
وبعد سنوات من الانقطاع، تم استئناف الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا في سويسرا في ديسمبر 2018 وهو ما اعقبه جلسة مفاوضات اخرى في مارس، دون تحقيق اختراق.
وتطالب جبهة البوليساريو بإجراء استفتاء حول استقلال الصحراء الغربية، وهو ما يرفضه المغرب.
وتعتبر الرباط الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من أراضي المملكة، وتقترح منحها حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها.
وأعربت حيدر عن أسفها لأنه بعد مرور نحو ثلاثة عقود على إلقاء الجبهة سلاحها، تجاهل المغرب والمجتمع الدولي إلى حد كبير مطالب الشعب غير العنيفة للعدالة والكرامة والحكم الذاتي.
وحذّرت حيدر من أن الجولة الأخيرة من المحادثات غير المثمرة، تركت الشباب الصحراوي خائب الأمل.
وقالت “إنهم غاضبون ومحبطون.. يقولون إن المجتمع الدولي لا يتصرف إلا في النزاعات التي توجد بها دماء وعنف”.
ووصفت كيف أصبحت هي وغيرها من دعاة المقاومة غير العنيفة أهدافا للإهانات، وقالت إن الأمر الأكثر مدعاة للقلق “إنهم يضغطون على جبهة البوليساريو لحمل السلاح مجددا”.
انتقدت الناشطة المجتمع الدولي لافتقاره إلى الإرادة السياسية لتطبيق مختلف قرارات الأمم المتحدة وأحكام المحاكم الدولية، التي ينبغي أن يتم الاستماع لرأي الشعب الصحراوي في مسألة الاستقلال.
وأرجعت حيدر الأمر إلى ما اعتبرته “تواطؤ بعض القوى الدولية”.
وصرحت أن “إسبانيا مسؤولة وفرنسا مسؤولة”، منتقدة أيضا الاتحاد الأوروبي لدعمه الأعمى للمغرب بسبب رغبة بروكسل في الاحتفاظ بقدرتها على الوصول إلى الموارد في الإقليم.
وقالت حيدر “بدون دعم أوروبي لن يتمكن المغرب من نهب واستغلال الموارد الطبيعية ولا يمكنه مواصلة احتلاله وتجاهل جميع قرارات مجلس الأمن”.
غاندي الصحراء
وأكدت حيدر، التي تقول إنّه يشرفها مقارنتها بغاندي، التزامها بنهج اللاعنف. وقد التزمت باللاعنف منذ كانت يافعة، رغم تعرضها للضرب والتعذيب والاعتقال دون تهم او محاكمة.
وقالت إنها اعتقلت في سجن سري حين كانت تبلغ 20 عاما، لتقضي أربع سنوات في عزلة كاملة.
وعام 2005، تعرضت للضرب الشديد والإصابة على أيدي الشرطة خلال تظاهرة قبل احتجازها مجددا في السجن، حيث قامت بإضرابين عن الطعام للاحتجاج على سوء معاملتها واعتقالها التعسفي.
وبفضل الضغط الأميركي، تمكنت من السفر لإسبانيا بعد إطلاق سراحها في العام 2006 لتقوم بجولة للدفاع عن القضية في أوروبا والولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، لتفوز بجوائز حقوقية مرموقة.
لكن المغرب منع الناشطة الأم لابنين من العودة في العام 2009 وصادر جواز سفرها ورحّلها لجزر الكناري الإسبانية، ما دفع حيدر لاعلان اضرابها عن الطعام لاكثر من شهر، لتسمح لها السلطات المغربية في النهاية بالعودة الى مدينة العيون في الصحراء الغربية.
وأكّدت حيدر أنّ “وضعي ليس فريدا”. وقالت “هذا وضع كل الصحراويين اليوم.. نواجه قمعا شرسا يوميا”، وتابعت “هذه قضية إنهاء الاستعمار.. لن أتخلى أبدا عن قتال شعبي”.
ستحصل حيدر الأربعاء على جائزة الحق في العيش (رايت لايفهود)، التي يشار إليها أحيانا بجائزة نوبل لحقوق الإنسان، والتي تضم ثلاثة فائزين آخرين هذا العام، بما في ذلك الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ.
” الحرة”