زواج الأطفال – بقلم نادر سكاكية
العالم الآن – إن الزواج بحد ذاته يعتبر ركيزة وأساس بناء لأي أسرة بأي مجتمع من المجتمعات البشرية البدائية والمتحضرة، فهو يعتبر من الضرورات الملحة في حياة الإنسان، ولكن هذا الزواج وشروطه وقواعده وأساسياته والالتزامات المترتبة عليه يختلف من مجتمع لآخر، والمجتمع الفلسطيني بوصفه مجتمع عربي إسلامي ومن الدول الشرقية التي تعتبر الزواج واجباً دينياً في المقام الأول، كما أنه الأساس الأول لبناء الأسرة بطريقة متحضرة وصحيحة وبعيدة عن الخطيئة، ولهذا تحرص الكثير من دول المشرق وخاصة فلسطين على تزويج بناتهم بمجرد بلوغهنّ سن السادسة عشرة وأحياناً تقوم بعض الأسرة بالمبالغة في تزويج بناتهن بس أبكر من ذلك أي بسن الخامسة عشرة وأحياناً الرابعة عشرة وذلك بعد القيام بعملية تزوير في شهادة الميلاد الخاصة بالفتاة
اليوم نرى أن الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني ما زال سارياً وسائداً بالرغم من التطور والوعي التعليمي لدى المجتمع الفلسطيني وإلتحاق معظم الفتيات بالمدرسة إلا أن ذلك لم يمنع من تزويج الفتيات بسن مبكر وفي غالبية الأمر تكون الفتاة موافقة على إتمام هذا الزواج ولكن دون علمها بما سيتبع هذا الزواج من مخاطر ومن أهم هذه المخاطر الأمومة المبكرة، حيث تصبح الطفلة أمّاً ، كذلك يتبعها الكثير من الأضرار الجسدية والنفسية ، وهذا ما أظهرته بعض الدراسات التي أجرت على ذلك، حيث جميعها أكدت على أن الأمهات اللواتي تزوجنّ بسن مبكر وأصبحنّ أمهات في سن مبكر يعانين الكثير من الأمراض الجسدية كآلام الأسنان المستمر وتلفها في كثير من الأحيان، وآلام في المفاصل وإخضرار في اليدين والأرجل ….إلخ . في ضوء ما تقدم يجب إيقاف هذه الظاهرة بشكل كلي وهذه مسؤولية تقع على عاتق الجميع وعلى رأسها الحكومة ، ولحسن الحظ لقد تبنت الحكومة الفلسطينية مؤخرا في قرارها الصادر عام 2018 ، منع الزواج لعمر 18 للجنسين ، كما أن فرض إلزامية التعليم على الجنسين سن 18 يساعد في الحد من هذه الظاهرة ، وهذا ما أكدته دراسات مركز الإحصاء الفلسطيني (2010) : فمثلاً في عام 1997 بلغ سن الزواج للذكور (23) عام بينما كان (18) للإناث. وفي عام 2008 بلغ هذا المعدل حوالي 19.5 سنة للإناث بينما (24. سنة للذكور، وبيّنت النتائج المتوفرة إلى أن العمر الوسيط للإناث عند عقد الزواج عام 2008 قد بلغ (19. سنة في الضفة الغربية مقابل (19.0) سنة في قطاع غزة، أما عند الذكور فقد بلغ (25.4) سنة في الضفة الغربية و24.0 سنة في قطاع غزة، كما وتبيّن لنا بأنّ هنالك علاقة تناسب عكسي بين مستوى التحصيل العلمي والزواج المبكر وبعبارة أخرى كلما ارتفع المستوى التعليمي للذكور والإناث فقد تأخر سن الزواج بينما كان مبكراً وغير واعي لدى أصحاب التحصيل الأكاديمي المتدني وغير الحاصلين على شهادات جامعية أو مدرسية وهذا يؤكد ثقافة الجهل وعدم الإلمام بهذه الأمور.