كشخة – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – فجأة، ودون سابق إنذار وجد نفسه مسؤولا عن الأمانات العينيةوالمالية لأهل بلدته الذين وثقوا به ، ومنحوه ثقتهم بأن يكون اميناعلى ممتلكاتهم ومقدراتهم ومستقبلهم ومستقبل ابنائهم .
لم يحلم هذا الشاب يوما بأن يحظى بهذه المكانة وكل هذاالتقدير ، ولعدم تأهيله المسبق لتولي مثل هذه المكانه ، و لقلة خبرتهحيث كان لاهيا في ملذات الحياة ، اعتقد أن الشيخة والكشخة التيحصل عليها في الوقت الضائع وبالركلات الترجيحية ، يجب أنيكون لها ثمنا ومقابلا.
في البداية ،وحتى يقنع أبناء بلدته بأن يبقوا بجانبه ، وأنهالحارس الأمين على مقتنياتهم ، وانه سيستمر في المحافظة على أموالهم ومقدراتهم ، وحتى لا يشاهدون أثر النعمة عليه ، كانيحرص في كل مرة يزور أهل بلدته ، على اختيار الكلمات : ماذايقول ، وماذا لا يقول ؟ إلى جانب اختيار ملابسه ، حيث يصر علىارتداء بدلته القديمة التي يحتفظ بها في الخزانة ، ويحرص علىإجراء بعض التعديلات على هذا الطقم من صليه بالمكواة ، أو نزعأحد أزرار جاكيت البدلة ، أو تركه متدلى ، أو أن يكسر نصفه ويتركنصفه الآخر ، ويصر على أن يرتدي ذات القميص الأبيض –المصفر–، الذي من قِدمه أصبح يميل إلى الاصفرار ، حتى لونه ( كلح ) من الغسيل المتكرر، وظل يستعمل تلك السيارة القديمة المليئةبالغبار أيضا.
بالتأكيد كان يحرص عند ذهابه لزيارة أهل بلدته على أخذطعامه الخاص به معه، بعد أن تشكلت لديه قناعة بأنه غير مرغوبلديهم ، وعليه أن يكون حريصا من أن يدسوا له السم ،وفي كل مرةيعود من زيارة أهل بلدته ، يقضي ليلته بالتندر مع زوجته وابنائه،عن زيارته والاطعمة والاحاديث التي تناولها هناك وطريقة كلامهمولهجتهم،حيث ترافق الأحاديث التي يتناولونها الضحكات والغمزاتالجانبية ، الى جانب الاستهزاء بهموم الناس.
الآن ، وبعد هذه السنوات ، لم يعد يأبه على الإبقاء على هذهالصورة ، واصبح يصر على زوجته أن ترافقه في زيارته ، أو أنتقوم بزيارات منفردة لأهل البلدة ، ويصران على أن يكونا على آخرطراز ، ويرتديان أفضل ما عندهما ، وأغلى وأرقى ما لديهما منمجوهرات ، وكل ما يفعلانه اظهار المحبة والمودة لاهل البلد ورسمالابتسامة على وجوههم ، مع الابقاء على عدم مشاركتهم لطعامهم ،والاستمرار في التندر عليهم بعد العودة .
رغم أن الزيارات أصبحت متكررة ، في فترات متقاربة إلا أنالهدف منها غير معروف ، فيما إذا كان لها ارتباط بأهل البلد الذينبدأوا برفع اصواتهم مطالبين بحقوقهم وأموالهم ومعرفة مصيرممتلكاتهم ومقدراتهم ، بعد أن اصبحت ظروفهم المعيشية صعبةجدا ، وهم أصحاب الارض والممتلكات ، فيما ظروفه عال العال وفوقالريح ، أو انهم سئموا من عدم المبالاة بأوجاعهم ومطالبهم،إذ ليسمن المعقول أن يتنعم هو وعائلته بأموالهم وممتلكاتهم وهم يموتونفي غيظهم .