القيادة الفلسطينية تعدّ قرار الكونغرس الداعم لحل الدولتين “ضرية لترامب “
العالم الآن – قالت الرئاسة الفلسطينية إن قرار الكونغرس الداعم لحل الدولتين يعد «رداً على سياسة الإدارة الأميركية الحالية الخاطئة، والتي كان آخرها تصريحات الوزير بومبيو والتي يعتبر فيها الاستيطان غير مخالف للقانون الدولي». وعبّرت الرئاسة عن تقديرها لما جاء في القرار الصادر عن الكونغرس الأميركي «الداعم لحل الدولتين، والرافض لسياسة الضم والاستيطان، والأمر الواقع، والإجراءات أحادية الجانب، والإقرار بطموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الخاصة به»، مؤكدة أن «ما جاء في هذا القرار يُعد ضربة للرئيس الأميركي ترمب ورسالة واضحة لإدارته ولإسرائيل، مفادها أن السلام يأتي فقط عن طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967. وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني».
وجددت الرئاسة تأكيد أن السلام الحقيقي لن يتحقق دون العودة إلى القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وطالبت الإدارة الأميركية بالتراجع عن سياساتها الخاطئة ابتداءً بموضوع القدس، وانتهاءً بدعم الاستيطان، ورفض حل الدولتين. وكان الكونغرس الأميركي قد صادق بأغلبية 226 مقابل معارضة 188، على قرار يدعم حل الدولتين، والذي طرحه العضو الديمقراطي، آلان لوينثال. والقرار الرمزي يدعم حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ووافق المجلس الذي يقوده الديمقراطيون، على قرار غير مُلزم ينص على أن حل الدولتين هو وحده الذي يمكن أن يضمَن بقاء إسرائيل كدولة يهودية ويُلبي «تطلعات الفلسطينيين المشروعة» لقيام دولتهم الخاصة. وجاء في القرار أنه «في حين لا تزال الولايات المتحدة لا غنى عنها لأي جهد قابل للاستمرار لتحقيق هذا الهدف، يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين فقط اتخاذ الخيارات الصعبة الضرورية لإنهاء نزاعهم».
وأكد القرار أنه يمكن للولايات المتحدة، بدعمٍ من الشركاء، أن تلعب دوراً بناءً في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال تقديم اقتراح لتحقيق حل الدولتين بما يتوافق مع مقترحات الولايات المتحدة السابقة. وقال القرار: «من مصلحة الولايات المتحدة مواصلة تعزيز الأمن والاستقرار والرفاهية الإنسانية للفلسطينيين وجيرانهم من خلال استئناف تقديم المساعدة الأجنبية بموجب قانون الولايات المتحدة». وأضاف: «اقتراح الولايات المتحدة للتوصل إلى حل عادل ومستقر ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ينبغي أن يؤيد صراحةً حل الدولتين، ولا يشجع اتخاذ خطوات من جانب أي طرف من شأنها جعل وضع حد سلمي للنزاع هدفاً بعيد المنال».
ويعد القرار تحدياً لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي انتهج منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) 2017، سياسة مخالفة لأسلافه قادتْه إلى اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2017، ونقل السفارة الأميركية إليها في عام 2018، وقطع المساعدات الأميركية عن الفلسطينيين، ثم إعلان المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على أنها قانونية. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن قرار الكونغرس الداعم لحل الدولتين والرافض لسياسة الضم والاستيطان، ضربة قوية لمحاولات إدارة الرئيس ترمب شرعنة الاستيطان والضم.
وقال عريقات في تعقيبه على القرار: «نطالب بخطوات ملموسة لمنع إدارة الرئيس ترمب وإسرائيل من الاستمرار في مخالفة القانون الدولي وتدمير خيار الدولتين». والعلاقات بين المسؤولين الفلسطينيين والأميركيين شبه مقطوعة منذ نهاية 2017 عندما اعترف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه يرفض دور الولايات المتحدة كوسيط للسلام وإنها يمكن أن تكون جزءاً من آلية دولية إذا تراجعت عن قراراتها.
وهاجم عباس الدور التي تلعبه الولايات المتحدة في قطاع غزة كذلك، وقال إنه لن يسمح لمشروع «المستشفى الأميركي في قطاع غزة، الذي بدأت المعدات والأفراد يصلون إلى الموقع المقرر لإنشائه، بأن يمر». وأضاف: «هذا إلى جانب قرارات أخرى لمجموعة من المشاريع الاقتصادية وغيرها ومنها جزيرة اصطناعية للميناء، ومطار».
وكانت مؤسسة أميركية قد بدأت العمل على إقامة مستشفى ميداني قرب معبر بيت حانون «إيرز» شمال قطاع غزة، ما أثار جدلاً فلسطينياً كبيراً بعدما وصفته حركة «فتح» بأنه قاعدة أميركية أمنية متقدمة في قطاع غزة، فيما دافعت حركة «حماس» عن المستشفى قائلةً إنه ضمن رزمة شملها اتفاق التهدئة الأخير. وتتهم القيادة الفلسطينية الولايات المتحدة بإقامة ودعم مشاريع اقتصادية في غزة ضمن مخطط لفصلها عن الضفة. وبعد خطاب عباس القصير هاجمت اللجنة التنفيذية محاولات الإدارة الأميركية تصفية القضية الفلسطينية عبر مشروع فصل قطاع غزة.
وشددت اللجنة التنفيذية على رفضها المُطلق، وتصميمها على التصدي لجميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية وإسقاطها، مُكررة دعوة حركة «حماس» لعدم التعامل مع مثل هذه المشاريع الهزيلة، لأن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية، لا يمكن أن تُقدم قرابين في معابد التحولات السياسية الإقليمية والدولية، ومهما كان حجم الشعارات التي تُحاول تغطية هذا السلوك المُستند إلى استمرار الانقلاب وفصل قطاع غزة عن الضفة والقدس.
وأكدت «التنفيذية» أن الحديث عن المستشفى الأميركي الميداني ومشاريع أخرى في قطاع غزة ليس سوى ملهاة من الإدارة الأميركية التي حاولت، وما زالت تعمل على، إغلاق مستشفيات القدس الشرقية، وتدمير منشآت ومراكز ومؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، والتي أعلنت القدس عاصمة لإسرائيل، وعدّت الاستيطان الاستعماري شرعياً، وأغلقت ممثلية منظمة التحرير في واشنطن، والقنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وأسقطت اصطلاح الأراضي المحتلة، وقطعت جميع المُساعدات عن الشعب الفلسطيني بما فيها مشاريع البنى التحتية التي كانت تُقدمها وكالة التنمية الدولية الأميركية، وتواصل فرض الحصار الظالم والجائر على قطاع غزة، ولا بد لأي مشروع للقطاع وفي المجالات كافة أن يتم من خلال الحكومة الفلسطينية.
وتساءلت اللجنة التنفيذية: «هل يُمكن لمن يُمارس هذه السياسات ويُحاول فرض الحقائق الاحتلالية على الأرض وأن يتحدث عن شرعيتها، أن يكون حريصاً على الشعب الفلسطيني ومجالات حياته كافة؟ فمن يسعى لتكريس ويحاول شرعنة الاحتلال لا يمكن إلا أن يكون في مُعسكر تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وشطب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني».
” الشرق الاوسط”