فيلم أردني – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – دون سابق إنذار ، أعلن رب الأسرة عن منح أصغر الأبناء مهمة عمل ثلاثية الابعاد، تتمثل في : قطف الزيتون ، والإشراف على عصره في إحدى معاصر البلدة ، وتولي بيع وتسويق المنتج لأهل القرية والقرى المجاورة .
ذُهلت الأم والإخوة والأهل لقرار الأب بعهد هذه المهمة الحساسة والثقيلة لآخر العنقود ، الذي يطلق عليه لقب ” قريد العش ” ، كما هومتعارف عليه في القرى ، كناية عن أنه صغير القوم وخادمهم ، والصغير المدلل والمقرب إلى قلب الأبوين ، والمؤهل لتقديم الرعاية لوالدية عند كبرهما ، إلا أن هذا الذهول بقي حبيس قلوبهم ، بعكس أهل القرية الذين أثار هذا القرار المستهجن ذهولهم ، من حيث توقيته، كون موسم قطاف الزيتون ما زال بعيدا ، إلا أن الاستهجان الأكبركان حول اختيار شخص الابن الأصغر ، والأسباب غير المعلنة لتجاوزالابنين الأوسط والأكبر ، إلى جانب التغاضي عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف اتخاذ هذا القرار ، وإخفاء غاياته.
هذه المهمات الثلاث ، ليست بالأمر الهين حيث انها تشكل الركيزة الأساسية لضمان أمن واستقرار العائلة ، من حيث المردود المالي الذييضمن العيش الكريم لها ، ويمكنها من استثمار أموالها وتنميتها ،والأهم انه يحفظ لها كرامتها ويصون حقوقها .
إن التخوف من هذا القرار والاختيار، ما هو سوى تكهنات وتخوفات من المجهول، ومما هو مقبل، وما يصاحب ذلك من تأويلات وتحليلات ،إلى جانب بعض التسريبات التي تحمل في طياتها الكثير من التخوفات الممزوجة بالتخوف من المجهول .
وبعد مضى أيام على قرار التكليف الأبوي ، وفي احدى الليالي ، وخلال عودة الابن الأصغر (صاحب المهمات الثلاثة) ، إلى المنزل تعرض له بعض أبناء القرية ، وتعاركوا معه بالأيدي ، دون أن يتركواأثرًا ، وتركوه وشأنه حتى دون سلب ما يمتلك من مال أو مقتنيات ،وكل ما حرصوا عليه أن يرفعوا أصواتهم بطريقة تمكنهم من تنبيه أهالي القرية ، ليخرجوا لمشاهدة تلك المشادة الكلامية ، وما صدرمن الابن الأصغر من تصرفات بالتعدي بالضرب على أهل القرية وتوجيه الشتائم لهم ، والتي انتهت بسرعة كما بدأت ، مرتكزة على الصوت العالي والانفعال غير المسبب والنتائج غير المعلنة ودون تحقيقولا حتى اعتذار لأهالي القرية الذين انزعجوا من هذه الأصوات ،وروعهم المنظر كونه صدر من شخص مسؤول عن أمن واستقرارمواردهم وأموالهم واستثمارها .
مع ساعات الصباح الباكر ، انتشر خبر الحادثة كانتشار النار في الهشيم ، وذهبت الأم مسرعة لتبلغ رب الأسرة بما جرى، إلا أنه لميحرك ساكنا ، ولم يكترث للأمر فيما كانت الأم والاخوة والأهل وأبناء القرية يعتقدون بأن الأمر سيغير قرار الأب الذي اتخذه وسيعود عنه ، وينحيه ، كون هذه الحادثة أظهرته في صورة لا تتناسب مع المسؤولية المسندة اليه ، أو أضعف الأيمان الطلب منه الاعتذار عن هذا التصرف غير المسؤول ، وعدم التعامل مع الحادثة بحكمة وعقلية الاحتواء كونه يمتلك السلطة ، وزمام الأمور بيده .
تمثل رد فعل ولي الأمر ورب الأسرة في رسم ابتسامة جانبية ، وعند سؤال الأم عن السبب الذي يقف خلف هذه الابتسامة الصفراء ، وهل الحادثة مدبرة ، وتمت بالاتفاق مع أهل القرية ؟ أجابها : إلى متى سأبقى اعلمك !.. اسم الله عليه وعلى عقله الذي بالتأكيد لم يتحمل هول هذا القرار الذي سقط عليه من السماء ، وتكليفه بحمل ثلاث بطيخات بيد واحدة !.. واستطرد قائلا ، أردت من خلال تعاوني مع بعض أهالي القرية تلقينه درسا ، وأن أعرفه بحجمه الحقيقي ، وأن أوصل له رسالة مفادها بأن المنفاخ الذي نفخك وجعلك بحجم البالون ،بمجرد إشارة قادر في أي لحظة على أن ” ينفسك ” ، ويُعيدك إلىحجم أصغر مما كنت عليه ، ثم “نعلم عليه ” حتى يبقى رأسه أصغرمن حجم جسده ، ولا يعلو أكثر من هذا المستوى .
مازال أهله منذ وقوع حادثة التهجم على أهل القرية بالضرب وتوجيه الشتائم يعيشون في حالة ذهول ممزوجة بالخوف مما يحمله لهم المستقبل من مجهول ومفاجآت ، خاصة أنها صدرت من شخص كُلف بحماية أمنهم واستقرارهم ، والخوف الأكبر ممن يتبعونه ، ويتخذونه قدوة لهم .
في نهاية المطاف ، مازال أهل القرية يتابعون بشغف أحداث الفيلم في محاولة منهم لفهم أحداثه وحيثياته ، وينتظرون مشاهدة أي رد فعل يتناسب مع حادث الفيلم ، ويحترم عقولهم .
[email protected]