مخاوف من تصعيد في العراق بعد مقتل قاسم سليماني في غارة أميركية

0 278

العالم الآن – حذر العراق الجمعة من “حرب مدمرة” بعد مقتل الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني والقيادي الكبير في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في قصف صاروخي أميركي استهدف سيارتهما قرب مطار بغداد الدولي، في تصعيد قوبل بتهديدات ب”الانتقام” والرد من إيران وقوات الحشد الشعبي.

وكشف مسؤول عسكري أميركي لوكالة فرانس برس أن العملية نفذت ب”ضربة دقيقة لطائرة مسيرة استهدفت عجلتين قرب مطار بغداد”. وكانت وزارة الدفاع الأميركية أعلنت أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الأمر باغتيال سليماني.

وكان سليماني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري، الجيش العقائدي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وموفد بلاده الى العراق وسوريا ولبنان للتنسيق مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران في هذه الدول.

وكان المهندس رسمياً نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، لكنّه كان يعتبر على نطاق واسع القائد الفعلي للحشد الشعبي.

وقتل الرجلان على الفور.

وروى مسؤول محلي أن المهندس جاء الى المطار لاستقبال سليماني، “الأمر الذي لا يحصل عادة”. “استقبله مع زائرين آخرين، قبل أن تستهدف سياراتهم وتصاب”.

ورأى الخبير الأميركي في المجموعات الشيعية المسلحة فيليب سميث أن الضربة هي “أكبر عملية تصفية عند رأس الهرم تقوم بها الولايات المتحدة، وهي أكبر من العمليتين اللتين قتلتا أبا بكر البغدادي وأسامة بن لادن”، زعيمي تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن قاسم سليماني “كان يخطط بشكل نشط في المنطقة للقيام بأعمال – عمل كبير، كما وصفه – كان سيعرض حياة العشرات أن لم يكن المئات من الأميركيين للخطر”، مضيفا “كان هذا هو التقييم الاستخباراتي الذي وجه عملية اتخاذ قرارنا”.

واعتبر رئيس وزراء العراقي عادل عبد المهدي أن الضربة الجوية الأميركية تشكل “تصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة” في العراق، معتبرا أنها “خرق فاضح لشروط تواجد القوات الأميركية في البلاد”.

– “القصاص العادل” –

وتوعد مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي “بانتقام قاس”، وأعلن الحداد الوطني لثلاثة أيام في البلاد.

وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص في طهران وفي مناطق أخرى تنديدا “بالجرائم” الاميركية، كما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس، وهم يهتفون “الموت لأمريكا”.

وتوعد الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن “الأمة الإيرانية الكبيرة والدول الحرة الأخرى في المنطقة ستنتقم من أميركا على هذه الجريمة البشعة”.

كما صدرت دعوات في العراق للرد على العملية الأميركية، فيما أمر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر باستئناف نشاطات “جيش المهدي”، أبرز قوة مسلحة شيعية قاتلت القوات الأميركية في العراق.

وقال أحد أبرز قياديي الحشد الشعبي هادي العامري “نناشد كل القوى الوطنية توحيد صفوفها من أجل إخراج القوات الأجنبية التي أصبح وجودها عبثا بالعراق”. وكان القيادي البارز في هذه القوات قيس الخزعلي دعا “كل المجاهدين” إلى “الجهوزية” للرد على الضربة الأميركية.

في لبنان، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله المدعوم من إيران “القصاص العادل من قتلته المجرمين الذين هم أسوأ أشرار هذا العالم سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم”.

وأعلنت طهران ظهرا تعيين نائب قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني خلفا لسليماني الذي كان مكلفا العمليات الخارجية لإيران. وقال خامنئي إن برنامج عمل “قوّة القدس هو البرنامج نفسه الذي كان في فترة قيادة الشهيد سليماني”.

وفي مؤشر إضافي على الخشية من حصول تصعيد، دعت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين إلى مغادرة العراق “فورا”.

وأعلنت وزارة النفط العراقية أن العديد من موظفين شركات النفط العاملة في العراق من “حاملي الجنسية الأميركية غادروا العراق استجابة لطلب حكومتهم”.

– “منذ سنوات” –

وتجد بغداد نفسها منذ سنوات عالقة في موقع حرج بين حليفيها الكبيرين، الولايات المتحدة وإيران، فيما يتصاعد التوتر بينهما لا سيما حول الملف النووي الإيراني.

وجاءت الضربة الأميركية بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران وللحشد الشعبي على السفارة الأميركية في العاصمة العراقية ما أعاد الى الأذهان أزمة السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن في طهران في 1979.

وأوضح الباحث رمزي مارديني من مركز “بيس إنستيتيوت” لوكالة فرانس برس أن “الاستخبارات الأميركية كانت تلاحق قاسم سليماني منذ سنوات، لكنها لم تضغط على الزناد. وهو كان يعرف ذلك، لكنه لم يقدّر الى أي حدّ يمكن لتهديداته بأزمة رهائن أخرى في السفارة أن تغيّر سير الأمور”.

وأشار الحشد الشعبي الى مقتل عشرة أشخاص في الضربة الأميركية، بينما كانت السلطات العراقية تحدثت عن تسعة قتلى.

وفيما ذكر أن تشييع القائدين العسكريين سيحصل غدا، لم تشر إيران الى تفاصيل نقل جثمان سليماني الى البلاد.

وأعلنت قوات الحشد أن أبو مهدي المهندس سيدفن السبت في مدينة النجف في جنوب البلاد.

وسيلتئم البرلمان العراقي غدا أيضا. وصدرت دعوات من داخل المجلس لجمع تواقيع نواب للمطالبة بأن يبحث البرلمان في التواجد العسكري الأميركي في البلاد الذي يعد اليوم 5200 جندي.

وتصاعدت في الشهرين الأخيرين الهجمات على قواعد عراقية تضم عسكريين أميركيين أسفرت عن جرح ومقتل عدد من العسكريين العراقيين، وصولا الى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك شمال بغداد بثلاثين صاروخاً في 27 كانون الأول/ديسمبر، ما تسبب بمقتل مدني أميركي.

وقد ردّت الولايات المتحدة في 29 كانون الأول/ديسمبر بقصف منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب حزب الله، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي، ما تسبب بمقتل 25 مقاتلا.

وأثارت هذه الضربات غضبا بين أنصار الحشد وإيران الذين هاجم الآلاف منهم السفارة الأميركية الثلاثاء.

وتأتي الضربة الأميركية قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد انقسمت الآراء حولها في واشنطن.

وقالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (الحزب الديموقراطي) إن قتل سليماني في ضربة أميركية يهدد بإحداث “تصعيد خطير للعنف”.

في المقابل، كتب السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام على “تويتر”، “أنظر بتقدير إلى العمل الشجاع للرئيس دونالد ترامب ضد العدوان الإيراني”، مضيفا “أقول للحكومة الإيرانية: إذا كنتم تريدون المزيد فستحصلون على المزيد”.

– ردود فعل –

وقطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الجمعة زيارته الرسمية لليونان ليعود إلى اسرائيل بعد مقتل قاسم سليماني. وأشاد نتانياهو بقرار الرئيس الاميركي التصرف “بسرعة وبقوة وبحزم”، مدافعا عن “حق” الولايات المتحدة في “الدفاع عن النفس”.

وعبرت دول عدة عن قلقها من حصول تصعيد.

وقالت وزارة الخارجية الروسية إن مقتل سليماني “خطوة مغامرة ستفاقم التوتر في أنحاء المنطقة”.

ودعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الى “وقف دوامة العنف والاستفزازات والردود” في العراق. وكتب في تغريدة على “تويتر”، “يجب تجنب التصعيد بأي ثمن”.

كما دعت ألمانيا وبريطانيا الى “خفض التصعيد”.

وفور شيوع نبأ مقتل سليماني ارتفع سعر النفط أكثر من 4% بسبب مخاوف الأسواق على موارد الذهب الأسود، وسجلت أسواق المال الكبرى في العالم تراجعا.

يأتي هذا التطور بعد أكثر من ثلاثة أشهر على حركة احتجاجية شعبية في العراق ضد السلطات العراقية والنفوذ الإيراني الواسع في البلاد.
” ا ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد