مماطلة التكليف للسنة الجديدة.. أسبابها وتداعياتها
العالم الآن – كتب الصحفي فاروق عدنان – جو من الحذر والقلق يسيطر على الساحة اللبنانية وسط التحضيرات المعهودة لتوديع اليوم الأخير من العام الحالي. مر شهرين ونصف تقريبا على انطلاق الثورة اللبنانية في وجه النظام السياسي الفاسد راح ضحيتها عدد من الشهداء، الا ان المواطن ظل يكافح في شوارع جميع المناطق اللبنانية بعد صمت دام لأعوام بحجة الانتماءات الحزبية والطائفية.
لم تستطع مسرحية التكليف إقناع الجيل الجديد من الشباب بأن عهد “سويسرا الشرق” سيرجع مع تكليف الرئيس حسان دياب لتشكيل الحكومة، فسياسة أحزاب السلطة اثبتت ان التغيير مستحيل والاثبات يكمن في الأساليب التي استعملها من في السلطة لإطفاء الثورة “كخلايا حل الازمة” الذي ترجم من خلال اعمال التخريب والشغب في الاحتجاجات، ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم مزيداً من الانفتاح والديمقراطية نرى العكس تماماً في لبنان، فجميع الأطراف تأخذ دور الطاغوت، فشبح الطغيان يتربص بحرية التعبير. هذه الأيام تمارس خلايا حل الازمة التابعة لمنظومة الأحزاب التقليدية سياسة الترهيب على مواطنين أبرياء، اشخاص قد تكون ضاقت بهم سبل الحياة، وهم مهددين يوميا بمستقبلهم ووظائفهم، ولم يتبقى لهم حيلة سوى التعبير برأي حر، وانما الواقع يثبت الاسلوب القمعي الذي يمنع المواطن من المشاركة في الحياة السياسية اليومية بحرية.
بعد جهد من الاستشارات واللقاءات العلنية والسرية كلف الرئيس المعهود بتشكيل الحكومة بدعم من حزب الله، فانفجر الشارع السني بعدما تعنت الرئيس السابق سعد الحريري استلام ولاية جديدة، هنا وكالعادة استغلت الأحزاب المنابر الدينية والحزبية لشد العصب الطائفي والوجودي فتحولت نقاط الاحتجاج الى ساحة حرب مليئة بالدمار والانقاض بفعل اعمال الشغب.
لقاءات تشاورية بين جمعيات الحراك المدني اكدت جهوزيتها للتصعيد، قابلها تصريح لمصدر مقرب من رئاسة الجمهورية لوكالة الاناضول أكد فيه ان لا ولادة للحكومة في اليومين المقبلين، وعلى الأرجح أن تكون بعد عيد رأس السنة، فالرئيس المحسوب على محور الممانعة والذي باركته الجمهورية الإيرانية الإسلامية يماطل. كيف لا يماطل قبيل استقبال السنة الجديدة في أسلوب اقتبسه من أحزاب السلطة، ففي كل عام تستغل الأحزاب هذا الوقت لتوزيع المساعدات على مناصريها، بعدها يصعب على المواطنين معارضة زعمائهم. هذه السنة وزعت مواد غذائية وليترات من المازوت في جميع المناطق اللبنانية ظنا من الفاسدين بأن هذه المساعدات ستشتري كالعادة تأييد الشارع المعارض. قد تسجل هذه الخطوة لصالح من في السلطة بوجه المساعدات الفردية للثوار رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في محاولة لكسر الأسلوب السائد في شراء الانتماء والاصوات.
المماطلة في تشكيل الحكومة تزيد فرص نجاح الأحزاب إعادة كسب تأييد المناصرين السابقين. وانما الأكيد، في ظل استمرار الازمة المالية وحجز المصارف أموال المودعين الصغار والمتوسطين لن يتبقى لمناصري الاحزاب سوى النزول الى الشارع ومواجهة الظالم لإسقاطه، فهذه السياسة التقليدية التي تهدف الى السيطرة على الشعوب كما رأيناها في جميع ثورات الربيع العربي لن تنجح لطالما مطالب الثوار تتوحد الى “كلن يعني كلن” في إشارة لرفض المواطن اللبناني جميع الوجوه القديمة من الطبقة الفاسدة وتحول الحكم الى حكم مدني يسوده مبدأ الكفاءة والعدالة الاجتماعية.