احذروا أيتها الأمهات – د. عصمت حوسو – الأردن
العالم الآن – ما تقوله “الأمّ” على مسمع من أطفالها يعتبر أكثر أنواع (الإيحاء) قوة وتأثيرًا في تكوين شخصياتهم، فإن استمرّت الأمّ في الشكوى وندب الحظّ من تصاريف الأيام وظلم الأنام، فهي “تطبع” في عقولهم صورة سوداء قاتمة عن الحياة، لا تنمحي بسهولة، فتجعل منهم أشخاصًا مُتخمين في التشاؤم، لا أمل في المستقبل لديهم، ولا نجاحًا ينتظرهم، وهي بذلك تسلب إراداتهم الحرّة وتمنع من تداعيها، وتزرع في مخيالهم اليأس والعجز. انظروا حولكم ولا تستغربوا ذلك..
التربية ليست سهلة إطلاقًا في هذا العصر، عصر العجائب، وفي هذه الحقبة الزمنية في تاريخ العرب على وجه الخصوص، والأهم الآن لا بدّ من إدراك نقطة هامّة جدًا مفادها أنّ التربية ليست ذاتها الرعاية، الفرق كبير جدًا، فالكثير من الأمهات بإمكانهنّ الرعاية، ولكن قلّة فقط من بمقدورهنّ (تربية) جيل واثق بنفسه وفي الآخرين..
احذروا ما تتفوّه به ألسنتكم أمام أبنائكم أيها الأمهات والآباء، ولا توحوا لأولادكم بِ (الفساد) ثم تأمروهم بعد ذلك بالتزام (الرشاد)، ربّوا أولادكم وبناتكم وفقَ نظرية “القدوة” و “النمذجة”، فما لا ترغبون أن يفعله أولادكم لا تمارسوه أمامهم، سواء كان سلوكًا صغيرًا لا قيمة له، أو فعلاً مُشينًا..
ومن شرور التربية وأخطرها على الإطلاق، مقارنة أطفالكم بغيرهم حتى لو كانوا إخوانهم، أو توبيخهم من أجل التشبّه بأقرانهم، فهذا النمط في التربية هو ما يشحن قلّة الثقة في النفس لاحقًا، ويولّد عُقَد الطفولة التي تظهر بجلاء في سنّ المراهقة، وتتبلور بعدها إن لم يتمّ علاجها بذكاء ومهارة، وذلك بعينه ما يخلق مشاعر الحقد والحسد والغيرة، والشعور في (الدونية) وتداعياته، وما ينجم عنه من سلوك “الإيذاء” للذات وللآخرين، أقرباء كانوا أم غرباء..
اعلموا جيدًا أن كل إنسان في الواقع يختلف عن غيره في إمكاناته وقدراته ومهاراته وحتى جيناته، وكل إنسان مخلوق على طراز خاص به، فلن يستطيع أن يكون مثل فلان أو علاّن مهما حاول هو أو حاولتم أنتم؛ لأنه ببساطة شديدة لا يمكن أن يكون كغيره تمامًا، فكلّ إنسان متفرّد بخصوصيته..
التربية الجيدة تكاد تكون أهم للإنسان من أكله وخبزه، فالأخيرة بإمكانه أن يجدها دون علم وخبرة، أما التربية الخُلُقية الأصيلة إن لم تكبر معه فلن يكبر معها، وسيبقى فقيرًا بها مهما طال عمره..
احذروا أيتها الأمهات، ولا أقلّل هنا من شأن حذر الآباء كذلك، ولكن تأثير الأم في التربية أهم وأخطر ولها الدور الأكبر في ذلك، فالأمّ مدرسة إذا أعددتها أعددتَ شعبًا طيّب الأعراق، ولا تنسوا أيضًا أن العرق دسّاس فتخيّروه…
#دة_عصمت_حوسو #الجندر_بالعربي #الذكاء_الجندري #مركز_الجندر
#نستثمر_في_الإنسان_العربي