تركيا: المعارضة تطلق حملة لإسقاط نظام إردوغان الرئاسي

0 254

العالم الآن – بدأت أحزاب المعارضة في تركيا تحركات تهدف إلى العودة إلى إلغاء النظام الرئاسي الذي طبق في البلاد بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي شهدتها تركيا في يونيو (حزيران) 2018، والعودة إلى النظام البرلماني بعد إدخال تعديلات عليه. ويسعى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، بالتعاون مع شريكه في «تحالف الأمة»، حزب «الجيد»، الذي تتزعمه السياسية المخضرمة ميرال أكشينار، وحزب «السعادة»، ذي التوجه الإسلامي، وحزب «المستقبل»، الذي أطلقه رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، وكذلك مع الحزب الذي ينتظر أن يعلنه قريباً نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، إلى العمل على إسقاط النظام الرئاسي، الذي أعطى صلاحيات شبه مطلقة للرئيس رجب طيب إردوغان، وقلص صلاحيات البرلمان.

وأعلن حزبا الشعب الجمهوري والجيد، أن هدفهما الرئيسي في عام 2020 هو العودة إلى نظام برلماني معدل وقوي هو هدفهم الأساسي في عام 2020، كما أعلن داود أوغلو في خطاب إعلان حزبه أنه سيسعى إلى العودة إلى النظام البرلماني مع تعديله لإضفاء مزيد من القوة عليه، وهو الهدف ذاته الذي أعلنه باباجان. وتؤكد المعارضة التركية، أن النظام الرئاسي هو المسؤول عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في البلاد من تدهور، فضلاً عن تخبط السياسة الخارجية لتركيا وخضوعها لإرادة وقرارات فرد واحد (إردوغان)، بعد أن تم ربط جميع المؤسسات المهمة في البلاد برئاسة الجمهورية واختفى دور البرلمان والحكومة في صنع القرار.

ويمنح النظام الرئاسي رئيس الجمهورية الحق في تجاوز البرلمان وإصدار مراسيم بقوانين، ورغم دفاع حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة إردوغان، ومعه حليفه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، عن النظام الرئاسي وتكريس الصلاحيات في يد رئيس الجمهوري؛ كون ذلك يسهل عمل الحكومة، إلا أن التجربة أثبتت أن هذا النظام يعمل، أحياناً، عن طريق التجربة والخطأ بسبب إصدار بعض المراسيم ثم التراجع عنها لاحقاً عندما تتضح الأخطاء. وقال النائب عن حزب الشعب الجمهوري بالبرلمان، إردوغان توبراك: «النظام الرئاسي الجديد جعل البلاد غير قابلة للحكم والدولة غير فعالة، فمنذ أن تم تطبيقه صدر 31 مرسوماً من أصل 55 مرسوماً رئاسياً لتصحيح أو تعديل مراسيم سابقة».

من جانبه، قال نائب رئيس الحزب فتحي آتش كال، إن الحكم الفردي يبشر بانتكاسة في الأداء الاقتصادي وحقوق الإنسان واستقلال القضاء والتعليم والصحة وفي كل مجالات المجتمع تقريباً. وإن افتقار النظام الرئاسي إلى الكفاءة وتجاهل الدستور والقانون والمؤسسات والخدمة المدنية حول تركيا إلى بلد توقف تقدمه ثم تراجع في جميع مؤشرات التنمية. ومن بين هذه المؤشرات تقرير منظمة «فريدوم هاوس» لحقوق الإنسان لعام 2019، الذي سجلت فيه تركيا 31 نقطة فقط من أصل 100؛ ما وضعها في تصنيف «غير حرة». وأصبحت تركيا واحدة من الدولتين اللتين شهدتا أكبر تراجع ديمقراطي في العقد الماضي، وكانت الأخيرة من بين 41 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تصنيف سجلاتها الخاصة بالحقوق والحريات السياسية. وتتداول الأوساط السياسية التركية الحديث عن السخط المتزايد على النظام الرئاسي داخل حزب العدالة والتنمية. وتقول مصادر بالحزب، إن إردوغان نفسه يشعر ببعض الندم بسبب شرط الحصول على 50 في المائة زائد 1 من الأصوات للحفاظ على الرئاسة؛ الأمر الذي جعله في حاجة دائمة إلى دعم حزب الحركة القومية؛ ولذلك يدرس إدخال بعض التعديلات على النظام.

ويواجه النظام الرئاسي خطر الإلغاء بسبب الدعوى المقدمة من حزب الشعب الجمهوري إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن على نتائج استفتاء تعديل الدستور الذي أجري في 16 أبريل (نيسان) 2017، بسبب قبول اللجنة العليا للانتخابات أصواتاً غير مختومة. وفي الوقت ذاته، تتعالى الأصوات المطالبة بانتخابات مبكرة تجرى في يونيو المقبل، حيث سيكون البرلمان أتم فترة العامين وهي الفترة التي يتعين أن يكملها البرلمان قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وطالب رئيس حزب السعادة المعارض تمال كرم الله أوغلو، بمناقشة إجراء الانتخابات المبكرة خلال العام الحالي، قائلاً: «البعض يقول ستكون الانتخابات في آخر يونيو وأول يوليو (تموز). وبعض الناس يقولون: إنهم لا يمكنهم ضبطها في تلك الفترة القصيرة، وإنه سيكون في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول). بالنسبة لنا، الأمر لن يفرق كثيراً معنا. نحن أساساً نعقد مؤتمراتنا بهدف التحضير لهذه الانتخابات».

من جانبه، قال سلجوق أوزداغ، أحد مؤسسي حزب «المستقبل»، إن الانتخابات المبكرة ستجرى في مايو (أيار) 2021. وتضغط المعارضة حالياً بملفي الاقتصاد والسياسة الخارجية من أجل الوصول إلى الانتخابات المبكرة. وأكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أيكوت إردوغدو، أن الحزب الحاكم سيذهب مع أول انتخابات مقبلة بسبب معاناة الشعب التركي، قائلاً: ««عندما نريد الديمقراطية والعدالة، فإن طيب إردوغان سيغادر. وهذا الرجل سيذهب. ولا يوجد حتى احتمالية لبقائه». وأشار إلى أن الحكومة مسؤولة عن معاناة الشباب من البطالة، وإغلاق المصانع، وتدمير الزراعة، وسوء أحوال الحرفيين، وعلى الرغم من كل ذلك، فإنها مصممة على تنفيذ مشروع قناة إسطنبول الذي سيكلف الدولة أكثر من 20 مليار دولار دون تحقيق مردود. وانتقد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المتحدث باسم الحزب، فائق أوزتراك، سياسة تركيا الخارجية وتدخلها في الكثير من النزاعات في المنطقة قائلاً، إنه لا بد من استفادة دول شرق البحر المتوسط من ثروات المنطقة بشكل عادل، مؤكداً أن ذلك لن يتحقق إلا بتطبيع العلاقات بين تركيا ودول المنطقة بإجراء مباحثات مع قادة تلك الدول. وأضاف، أن العناصر المتشددة في سوريا وإدلب أصبحت تمثل نقطة ضعف بالنسبة لتركيا، وأن حزبه طلب مراراً إجراء حوار مع النظام السوري، لحل الأزمة بينهما، إلا أن إردوغان لا يهتم بما تقوله المعارضة: «لكن إذا طلب الرئيس الروسي بوتين ذلك ينفذ أوامره على الفور».

وتابع أوزتراك: «في وقت سابق، أخذ إردوغان جانباً حتى لا يلتقط صورة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لكن شاهدناه مع السيسي في الصورة نفسها في مؤتمر برلين حول ليبيا يوم الأحد الماضي… هذه هي السياسة الخارجية، فلا تقل ما لا تستطيع فعله… هذه الصورة جاءت متأخرة، لكنها خطوة صحيحة لتطبيع العلاقات بين مصر وتركيا».
” الشرق الاوسط”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد