شيرين العدوي تنبش برسالتها الدكتوراة ميثولوجيا المغرب العربي
العالم الآن – حوار أيمن الخطيب – هل يمكن أن يجمع الشاعر بين موهبته في ضبط اللغة على ايقاع المجاز وبين قدرات علمية منهجية تتيح له التفسح الرشيق في مكامن التاريخ القديم والتعرض لطرح اسهاما حقيقيا متيناً في حقل معارفي ميثولوجي.
وهل كان الاشتغال في مجال التاريخ وما يكتنز على مرويات متخيلة اسطورية حكرا على فئة من الباحثين دون سواهم ؟
لقد كسرت الشاعرة المصرية شيرين العدوي القادمة من دلتا مصر شمال القاهرة ” المنصورة ” هذا التابو
واستطاعت بكل ما تحمله من تناقضات الشاعر ومن صلابة الباحث في سبر اغوار تاريخ المغرب العربي القديم
وما أُحيط بها من اسطورة ميثية شكلت في تلك الفترة
تعبيرا تاما عن وعيا جمعياً ساد تلك المنطقة وشكل سردية تاريخية عن شعوبها ؛
وذلك من خلال رسالة الدكتوراة التي ناقشت بها العدوي
” الدلالات التاريخية للمرويات الخرافية للمغرب العربي منذ الفتح وحتى القرن الرابع هجري “.
لستُ باحثاً في علوم الانثرولوجيا الميثولوجيا التي تؤهلني لتفكيك رسالة الدكتورة شيرين العدوي
وبالتالي فإن قرائتي للرسالة هذه لا تعد بأي شكل نقداً عمليا وعلميا و منهجياً ولا تعد ايضا محاولة لمحاكاة من اي نوع ؛
بل هي محاولة متواضعة لاضاءة عن هذه الرسالة
كقارئ اولا ثم ككاتب مهتماً بهذا الجانب من العلوم الانسانية .
اذا كانت الميثولوجيا في تعريفها بأنها الجانب المتخيل من حياة الشعوب الذين حاولوا تقديم تفسيراً ما حول كل قضايا الكون الوجود وحول الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي والايدلوجي في لحظة تاريخية ما ؛
واذا كانت لوقت قريب يتم التعامل معها على أنها نوع من الضرب المتوهم غير العقلاني ،
فإنها اليوم تحتل مرتبة متقدمة في الاهتمام الدولي لأنها
– الميثولوجيا – باتت تشكل سردية تاريخية حقيقية عن الشعوب عن حركة التاريخ التي خاضوها وعن فهمهم الجمعي الواسع تجاه كل ما يحيط بهم ،
من هذا المنطلق تنفرد الدكتورة شيرين العدوي في رسالتها في مهمة شائكة تتمثل بنبش تاريخ المغرب العربي وتفكيكه واعادة انتاجه في قالب محكم أخذ بعين الاعتبار الموضوعية والتحري وملماً في الجانب التاريخي والجغرافي والثقافي والاضطرابات السياسية والدينية التي شهدها المغرب العربي منذ الفتح الى القرن الرابع هجرياً.
الجغرافية والتاريخ ،
يحتل المغرب الغربي موقعا جغرافيا متميزاً
والمغرب جزء من القارة الإفريقية، فهي تشغل محيطاً جغرافياً مميزاً في أراضيها، جزيرة تحيط بها البحار من كل جهة، فيأتيها البحر المتوسط من الشمال، ومن الغرب البحر المحيط ومن الجنوب بلاد السودان. جعل منه قرارا لحضارات وتنويعات اثنية عرقية وثقافية وأنظمة حكم سياسي متعددة خاصة في الخط الزمني الذي رافقه من قيام الدولة الفاطمية بسماتها المميزة، فضلاً عن قيام حضارتين قائمتين على العنصر الأمازيغي نفسه، فنلحظ نظرة مقارنة بين الحضارة الوافدة وبين الأيدلوجية المغربية وتأثر كل منهما بالآخر..كما نلحظ دور الإسلام وما سبقه من حضارات وافدة في تشكيل الوجدان الشعبي وقيام تلك الأيدلوجية المغربية.
لقد لعبت الجغرافية والتاريخ دورا مزدوجا مهما في انتاج المرويات الخرافية المغربية على أساس ايدولوجي متعدد
وتنوع اثني عرقي ديني شكلوا معا جميعا لوحة فسيفساء
وارضا خصبة لقيام الميثولوجيا المغربية.
ومجدداً تكتسب الميثولوجيا المغربية التي توزعت بين الفهم الديني والفهم السياسي والفهم الثقافي
والكسومولوجي / الكوني/ أهمية بالغة لامتلاكها دلالة تاريخية عكست هوية الشعب المغربي القائم آنذاك
وصارت ارثا ثمينا يستند عليه كل المشتغلين في علوم الانثرولوجيا والميثولوجيا والاركيولوجيا
ولقد أبدعت ” العدوي ” في صياغة سردية تاريخية عن جانب ميثولوجي ساهم في بناء حضارة ذات قيمة.
….
أيمن الخطيب