“فتح” تلوح بـ “الخيار العسكري”… وعباس مهدد لرفضه مكالمة ترمب
العالم الآن – في ظل الاستعداد الأميركي والإسرائيلي للإعلان عن “خطة السلام” من اتجاهٍ واحد ومقاطعة فلسطينية شاملة، أصرت حركة “فتح” على اتخاذ قرار مختلف هذه المرة. فقد أوضح المجلس الثوري أنّه في حال أعلن الرئيس ترمب خطته للسلام، فإنّ “الحل الوحيد المطروح على الساحة هو العودة إلى الكفاح المسلح”.
بالتالي تكون حركة “فتح” وضعت السلطة الفلسطينية خلف ظهرها، ولم تعد تابعة لها، بحسب ما جاء على لسان أمين سر المجلس الثوري للحركة ماجد الفتياني، الذي قال “إن لم تكن السلطة قادرة على إيقاف صفقة القرن بشكلٍ فعلي، فعليها إعادة زمام القرار إلى الفلسطينيين، وهم أصحاب الحق في تقرير مصيرهم”.
العودة للكفاح المسلح
في الواقع، تتبع حركة “فتح” إلى السلطة الفلسطينية، ومن الصعب التفرقة بينهما، على اعتبار أنّ قيادة السلطة هي ذاتها التي تتخذ القرار في الحركة، وكذلك فإنّ عناصر وموظفين الأجهزة الأمنية والمدنية في السلك الحكومي التابع للسلطة، هم ذاتهم كوادر وأبناء “فتح”.
وهدّدت قيادة الحركة بالتخلي الكامل عن السلطة الفلسطينية، وأنّها لن تكون خلف أيّ قرارٍ سياسي تتخذه، ما لم يضمن الحفاظ على الحقوق الفلسطينية وحمايتها من تنفيذ خطة السلام التي تعتزم واشنطن الإعلان عنها اليوم.
ويوضح الفتياني أنّ “المقصود بوضع السلطة خلف ظهر الحركة والتخلي الكامل عنها، يعني العودة إلى فكرة الكفاح المسلح ما قبل فترة السلطة الفلسطينية، وتفعيل نشاط كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري المسلح لفتح”.
وفي علوم السياسة، يعني هذا الحديث أن “فتح” أعلنت العصيان المدني، و “أن لا مرجعية لاتخاذ قرار بدء أو وقف العمليات الفدائية ضد الإسرائيليين، وأنّ أيّ قرارٍ سياسي أو أمر تنفيذ يصدر عن قيادة السلطة الفلسطينية لن يكون موضع تنفيذ، ويبقى الخيار مفتوحاً لميدان المواجهة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل”.
وتابع الفتياني “على القوى السياسية والفصائل المسلحة كافة حشد عناصرها، وتنظيم صفوف المواجهة مع إسرائيل، على اعتبار أن المرحلة المقبلة هي أخطر المراحل التي يواجهها الفلسطينيون”.
سلاح واحد
وبحسب قيادة “فتح”، فإنّها تعتزم تفعيل العودة إلى الخيار العسكري، وتنفيذ عمليات مسلحة ضد الإسرائيليين. وتشير مصادر فصائلية إلى أنّ “سلاح المواجهة لدى الحركة جاهز وكذلك العناصر باتت مستعدة لتنفيذ عمليات فدائية”.
في المقابل، يعتبر المحلل السياسي عبد الكريم الفراني في حديث لـ “اندبندنت عربية”، أنّ “سلاح السلطة الفلسطينية هو نفسه سلاح حركة فتح، ولا يمكن فصل قرار العودة إلى الكفاح المسلح عن إذن من قيادة السلك الحكومي والرسمي الفلسطيني”.
ويتوقع الفراني بأنّ تكون هناك مواجهة مفتوحة مع إسرائيل في المناطق كافة، خصوصاً الضفة الغربية وقطاع غزّة، لكن من دون وجود عمليات مسلحة، وفي حال كان ذلك قد تكون قليلة ويجري التخطيط لها بالسر.
لكن الفتياني يعتقد بأنّ “تفعيل قرار العودة إلى الكفاح المسلح وتنفيذ عمليات فدائية ضد إسرائيل، قد يجعلها في وضع حرج للغاية أمام المحافل الدولية، وينجح في عدم تطبيق صفقة القرن التي يسعى ترمب لتنفيذها”.
ويأتي الغضب الفتحاوي رداً على عزم واشنطن إعلان “خطة السلام” الجديدة في الشرق الأوسط مساء اليوم الثلاثاء 28 يناير (كانون الثاني) 2020، والتي تقوم على فكرة عدم وجود دولة فلسطينية، وأنّ عاصمة الفلسطينيين بلدة شعفاط جنوب القدس الشرقية، إضافة إلى نزع سلاح الفصائل على ساحة غزّة، وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة الفلسطينية، وتسمح للإسرائيليين بضم المستوطنات في الضفة الغربية لأراضيهم.
عباس يزور الراحل عرفات
وبحسب عبدالله عبدالله رئيس العلاقات الدولية في مكتب الرئيس وعضو المجلس الثوري، فإنّ “الرئيس محمود عباس رفض الرد على اتصال هاتفي من نظيره الأميركي دونالد ترمب، وبعدها تلقى تهديداً أميركياً، ثم طلب عقد اجتماع عاجل مع اللجنة المركزية لحركة فتح”، وأكد في حديث لـ “اندبندنت عربية” أن عبّاس زار ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومكث هناك وحده حوالى ساعة، ثم غادر المكان وعلامات الغضب والحزن تعتلي ملامحه.
وطلب عباس في اجتماع اللجنة المركزية للحركة “تصعيد المقاومة الشعبية بكل الأراضي الفلسطينية (بما فيها قطاع غزة)، وكذلك استنهاض جميع كوادر فتح وعدم مغادرة الشارع حتى العودة عن تنفيذ صفقة القرن”.
وقال الرئيس الفلسطيني بلهجته العامية “أنا رفضت أن أكلم ترمب وبعدها بلغوني إنك هتدفع ثمن كبير لهذا التصرف الأحمق، وصدقوني ما ضل بالعمر قد ما مضى لكن ما بكون خائن، اللي عاوز يكون معنا من الفصائل حياه الله، أنا قلت لوهقول لا… إما شهيداً شهيداً شهيداً كما إخوتي في اللجنة المركزية أبو جهاد وأبو عمار… أو نرفع علم فلسطين خفاقاً على أسوار القدس”.
مسيرات في غزة
وفي السياق ذاته، أعلنت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الرفض الكامل لخطة السلام، وخرج الشارع في قطاع غزة في تظاهرات حاشدة تمركزت عند بوابة مكتب المندوب السامي، ورفع المتظاهرون شعارات تندد بخطة السلام الجديدة، وحذروا من أنّه في حال تطبيقها “ستتحول المنطقة إلى شعلة من نار”.
وأوضح القيادي في حركة “حماس” إسماعيل رضوان، أن الفصائل المسلحة باتت مستعدة للرد على “أي حماقة أميركية أو إسرائيلية تقوم بإنهاء الثوابت والحقوق الفلسطينية”، وأن “الحركة جاهزة لإسقاط صفقة القرن بطريقة يفهمها جيداً رئيس حكومة إسرائيل المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو”.
وذكرت مصادر فلسطينية أنّ غرفة العمليات المشتركة للفصائل المسلحة رفعت جاهزيتها واستنفرت كامل عناصرها للرد على هذا المشروع أو أيّ حماقة إسرائيلية، وكذلك استنفرت إسرائيل جنودها وحشدت فرقاً عسكرية بالقرب من الحدود مع قطاع غزّة.
” اندبندنت”