أزمة سياسية تطيح بطموح “وريثة” ميركل لتولّي المستشارية
العالم الآن – تخلّت أنيغريت كرامب-كارنباور التي كانت تعد مرشّحة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لخلافتها عن طموحاتها لقيادة أكبر قوة اقتصادية في أوروبا الاثنين، لتصبح بذلك ضحية الأزمة المتفاقمة بشأن العلاقات بين الوسط واليمين المتطرف.
واستقالت كرامب-كارنباور، زعيمة حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي (يمين وسط)، من هذا المنصب بعد أقل من عام على تولّيه في فترة شهدت نزاعات داخلية بشأن مسألة التعاون مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” المناهض للمهاجرين أم لا.
وقال مصدر في حزبها لفرانس برس إن كرامب-كارنباور بررت قرارها التخلّي عن رئاسة الحزب بأن “قسما من الاتحاد الديموقراطي المسيحي يقيم علاقات غير واضحة مع البديل من أجل ألمانيا” وكذلك مع حزب “اليسار” (دي لينكه) المتشدد.
وفي وقت يتّبع الحزب سياسة تقضي بعدم التعاون مع أي من اليمين أو اليسار المتشددين على الصعيد الوطني، تمرّد نوّاب من حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي على هذا النهج الأسبوع الماضي وصوّتوا في ذات المعسكر مع نواب البديل من أجل ألمانيا للإطاحة برئيس مقاطعة تورينغن الصغيرة اليساري المتشدد.
وأخفقت محاولات كرامب-كارنباور لفرض ضوابط صارمة من برلين على التعاون مع اليمين واليسار المتشددين خصوصا في شرق البلاد الشيوعي سابقا، حيث يهدد الدعم القوي الذي يحظى به البديل من أجل ألمانيا واليسار في بعض المقاطعات قدرة الأحزاب التقليدية على تشكيل تحالفات قائمة على الأكثرية وقادرة على أداء مهامها.
ودفع خرق الموقف السياسي تجاه البديل من أجل ألمانيا في تورينغن شركاء ميركل الأصغر في الحكومة الوطنية الحزب الاشتراكي الديموقراطي للدعوة إلى محادثات طارئة في نهاية الأسبوع بشأن مستقبل الشراكة.
وقال عضو مجلس إدارة الحزب الاشتراكي الديموقراطي مايكل روث على تويتر الاثنين إن مغادرة كرامب-كارنباور، أبرز السياسيين الذين غادروا منصبهم في أعقاب أزمة تورينغن، هو أمر “مربك”.
وأضاف “لا يزال غير واضح إذا كان الديموقراطيون اللائقون يقفون معا في المعركة من أجل الديموقراطية وضد القومية”.
– خرق للمحظورات –
ويشكّل التحالف مع اليمين المتشدد في التصويت خرقا لأحد المحظورات الأساسية لسياسات ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية — رفض الأحزاب التقليدية العمل مع تلك المتشددة.
وقال المصدر إن فشلها في إلزام أعضاء حزبها باتّباع هذا النهج دفع كرامب-كارنباور للإعلان خلال اجتماع لقادة حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي بأنها “لن تترشّح للمستشارية”.
وتنهي الخطوة أخيرا دورها كوريث محتمل لميركل، وهو موقع استحوذت عليه حتى قبل وصولها بدعم من ميركل إلى رئاسة الحزب.
ومن المفترض أن تجري انتخابات ألمانيا الوطنية المقبلة بحلول خريف العام القادم، رغم أن التحالف الهش بين الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحلفائه البافاريين من الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي (يسار وسط) قد لا يصمد حتى ذلك الوقت.
وبحلول صيف العام الجاري، تأمل كرامب-كارنباور بأن تضع عملية منظّمة للعثور على الشخصية المناسبة لقيادة الاتحاد المسيحي الديموقراطي إلى حملات الانتخابات الاتحادية المقبلة. وقالت لقادة الحزب “من الواضح أنه يجب أن تتولّى الشخصية ذاتها زعامة الحزب والمستشارية”، في انتقاد ضمني لقرار ميركل عام 2018 فصل المنصبين.
وتخلّت المستشارة المخضرمة عن زعامة الحزب على وقع سلسلة هزائم انتخابية على صعيد المقاطعات بينما قوّض صعود اليمين المتشدد شعبيتها ضمن صفوف حزبها.
– سباق إلى القمّة –
ورغم أن ميركل عيّنتها كوزيرة للدفاع في تموز/يوليو الماضي لمنحها سلطة تولّي منصب اتحادي، إلا أن كرامب-كارنباور لم تتمكن قط من فرض سلطتها في الاتحاد المسيحي الديموقراطي بعد فوزها بفارق ضئيل على منافسها فريدريخ ميرز.
وتولّت ميركل السلطة منذ العام 2005، لكنها أشارت إلى أنها لن تترشّح للمنصب مجددا بينما تخلّت عن زعامة الاتحاد المسيحي الديموقراطي.
ويتحيّن ميرز، خصم ميركل سابقا، الفرصة لخوض المنافسة للوصول إلى السلطة منذ تصدّرت كرامب-كارنباور انتخابات زعامة الحزب. ولا يزال يحظى بدعم قوّي من أجنحة الحزب المؤيدة للنشاط التجاري وذات الميول المحافظة بشكل أكبر.
والأسبوع الماضي، تخلّى زعيم كتلة الاتحاد المسيحي الديموقراطي البرلمانية السابق عن وظيفته في شركة “بلاك روك” العملاقة لإدارة الأصول “لدعم الحزب بشكل أقوى في إعادة تجديد نفسه والدخول مجددا في السياسة”.
” ا ف ب “