من الذي صور ؟ – الصحفية رانيا النمر

0 939

 

العالم الآن – يتجسَّد الدور الرَّقابي للسلطة الرابعة بضوابطه المعيارية في نموذج “الصحافة الاستقصائية” وهي وحسب التعريف صحافة البحث والدقة أو صحافة العمق، وصحافة المعلومات المخفية، التي تسعى جهات مُعَيَّنَة لإخفائها عن الجمهور و”التَّكَتُّم على سريتها.
أن النموذج الصحفي الاستقصائي يتجاوز القصص الإخبارية التي تتفاعل معها الصحافة التقليدية مع الأحداث، والتي تهدف إلى خلق صورة موضوعية للمشهد كما هو، ولا تأمل في الوصول إلى نتائج أبعد من مجرد إخبار الجمهور بالأحداث والوقائع،
بينما يستخدم العمل الاستقصائي بطرق منهجية، عرض مواد ومعلومات دقيقة تتحوَّل إلى حقائق تستهدف كشف قضية مُعَيَّنة باتجاه التغيير.

حيث تضمنت حلقة برنامج” نبض البلد” قبل أيام تقريرا استقصائيا حول واقع الممارسات غير الإنسانية في المركز الوطني للصحة النفسية، والذي رصد حقائق ومعلومات ترتبط بقضية تهمُّ الرأي العام وتثير الانتباه إلى مواطن الخَلَل أو الفشل في النظام الصحي العام، والمتعلق بتعامل الكادر الطبي غير اللائق والمهين مع المرضى النفسيين داخل المراكز بالأضافة، لافتقار هذه المستشفيات للشروط المعيارية للسلامة العامة خاصة لغرف العزل للحالات الشديدة. كما وقدم التقرير الاستقصائي مساءلة نقدية حول تحديد المسؤولية عن السلوكات الخاطئة والتَّصرُّفات غير السليمة خدمة للمصلحة العامة.
أنه من أهمِّ المساهمات التي تُقدِّمها الصحافة الأستقصائية اعتبارها المحرك لنسق الممارسة الديمقراطية، إذ يوفر هذا النمط الصحفي آلية ثمينة لمراقبة أداء التي تضم الهيئات الحكومية والمنظمات المدنية ومؤسسات القطاع العام .
كما تُسْهِم الصحافة الاستقصائية في تثبيت قواعد الديمقراطية ايضا من خلال زيادة إطلاع المواطنين ومعرفتهم لأن المعلومات مصدر حيوي لتذكير الشعب اليقظ بامتلاكه سلطة محاسبة الحكومة، كما أن الصحافة الاستقصائية تذكر الشخصيات السياسية والمسؤولين بوجود قضايا يجب معالجتها.

أن استهجان مدير المركز الوطني للصحة النفسية الدكتور نائل العدوان للتقرير بعبارته ” مين اللي صور” تشي في دلالتها عن معرفته التامة بالمكان وبالممارسات التي تتم داخله، فالمكان مكانه ، والزنازين واقع لا يمكن نكرانه، والمخفي أعظم الملف في هذا الملف.
مين اللي صور دكتور ؟ الصحافة الأستقصائية هي التي صورت
لأن دور الصحافة الاستقصائية وأشكال تأثيرها في محيطها السياسي والاجتماعي، ، باعتبارها كاشفًا لأداء الأفراد والمؤسسات والهيئات، تُنْتِجُ معرفة عميقة بالواقع تُحوِّل نموذج العمل الاستقصائي لسلطة معرفية ما يُكسبه حُجِّيتَه ومَرجعيته في المجال العام.

رانيا النمر

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد