أمريكا وطالبان توقعان اتفاقا تاريخيا لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان
العالم الآن – وقعت الولايات المتحدة اتفاقا مع حركة طالبان يوم السبت مما قد يمهد الطريق نحو انسحاب كامل للقوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا ويمثل خطوة نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ 18 عاما.
المبعوث الأمريكي الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد يصافح المسؤول السياسي لحركة طالبان الملا عبد الغني بارادار بعد توقيع اتفاق سلام في العاصمة القطرية الدوحة يوم 29 فبراير شباط. تصوير: إبراهيم العمري – رويترز
وعلى الرغم من أن الاتفاق يمهد الطريق أمام الولايات المتحدة للانسحاب تدريجيا من أطول حروبها فإن كثيرين يتوقعون أن تكون المحادثات بين الأطراف الأفغانية أكثر تعقيدا بكثير.
ووقع الاتفاق في العاصمة القطرية الدوحة المبعوث الأمريكي الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد والمسؤول السياسي لطالبان الملا عبد الغني بارادار. وحضر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مراسم التوقيع.
وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إن توقيع الاتفاق خطوة جيدة لكن الطريق لن يكون سهلا.
وقال إسبر الذي التقى الرئيس الأفغاني أشرف غني في كابول حيث أصدرا إعلانا مشتركا بالتوازي مع الاتفاق بين أمريكا وطالبان ”هذه لحظة مفعمة بالأمل لكن هذه هي البداية فحسب. الطريق لن يكون سهلا. سيتطلب تحقيق السلام الدائم في أفغانستان الصبر والتنازل من جميع الأطراف“.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها ملتزمة بتقليص عدد قواتها في أفغانستان من 13 ألفا في الوقت الحالي إلى 8600 جندي في غضون 135 يوما من توقيع الاتفاق والعمل مع حلفائها على خفض عدد قوات التحالف في أفغانستان على نحو متناسب خلال هذه الفترة إذا ما أوفت طالبان بالتزاماتها.
وجاء في البيان المشترك أن الانسحاب الكامل لكل القوات الأمريكية وقوات التحالف سيتم خلال 14 شهرا من توقيع الاتفاق إذا التزمت طالبان بالجزء الخاص بها.
وأثنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاتفاق الذي وقعته واشنطن وحركة طالبان يوم السبت بوصفه خطوة لإنهاء أطول حروب الولايات المتحدة وإعادة القوات الأمريكية من أفغانستان.
ونقل بيان للبيت الأبيض عن ترامب قوله فيما يتعلق بالاتفاق المبرم في الدوحة ”نعمل على إنهاء أطول حروب أمريكا أخيرا وإعادة قواتنا إلى أرض الوطن“.
ويمثل الاتفاق بالنسبة لترامب فرصة للوفاء بتعهده بإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن. لكن خبراء أمنيين وصفوا الاتفاق بأنه مقامرة في مجال السياسة الخارجية تضفي الشرعية على حركة طالبان على الساحة الدولية.
وقال غني إنه يأمل أن يمهد اتفاق الدوحة الطريق أمام السلام الدائم.
وأضاف في مؤتمر صحفي في كابول ”نأمل أن يؤدي السلام بين أمريكا وطالبان إلى وقف دائم لإطلاق النار… تتطلع البلاد إلى وقف كامل لإطلاق النار“.
وذكرت الحكومة الأفغانية أنها مستعدة للتفاوض والتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع طالبان وأكدت على دعمها لانسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف على مراحل بشرط وفاء طالبان بالتزاماتها.
كما أشارت إلى أنها ستظل ملتزمة بمنع الجماعات المتشددة من استخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها والدول الأخرى.
وتعهد حلف شمال الأطلسي على نحو منفصل بتعديل مستويات قوات التحالف في المرحلة الأولى أيضا على أن يخفض عدد جنود الحلف إلى حوالي 12 ألفا من زهاء 16 ألفا في الوقت الحالي.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج للصحفيين في كابول يوم السبت ”ذهبنا معا في 2001 وسنعدل (مستويات القوات) معا وسنرحل معا عندما يحين الوقت لكننا لن نرحل إلا عندما تكون الظروف مواتية“.
مبعوث الولايات المتحدة الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد (في الوسط) يتوجه لتوقيع الاتفاق مع حركة طالبان في الدوحة يوم السبت. تصوير: ابراهيم العمري-رويترز.
* أمل في إنهاء سفك الدماء
قبل ساعات من توقيع الاتفاق، أمرت طالبان جميع مقاتليها في أفغانستان ”بالامتناع عن شن أي هجوم من أي نوع… من أجل سعادة الأمة“.
وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد ”نأمل أن تظل الولايات المتحدة ملتزمة بوعودها خلال التفاوض واتفاق السلام وهذا هو المهم“.
وبالنسبة لملايين الأفغان، يمثل الاتفاق بارقة أمل على إنهاء سفك الدماء المستمر منذ سنوات.
وقال جاويد حسن وهو معلم يبلغ من العمر 38 عاما ويعيش على مشارف العاصمة الأفغانية كابول ”السلام بسيط للغاية وبلادي تستحقه. وهذا يوم ربما نشهد خلاله تغييرا إيجابيا“.
وفقد حسن أطفاله في تفجير نفذته طالبان عام 2018 ويبعث برسائل إلى زعماء العالم منذ ذلك الحين لحثهم على إنهاء الحرب الأفغانية.
* آفاق ضبابية
واندلعت الحرب الأفغانية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف عندما بدأت الولايات المتحدة هجمات على أفغانستان بعد أسابيع من هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001 التي شنها تنظيم القاعدة من معقله في أفغانستان.
واتهمت واشنطن طالبان بإيواء القاعدة وزعيمها آنذاك أسامة بن لادن وأطاحت هي وحلفاؤها بطالبان من السلطة. لكن الحركة بقيت قوة فاعلة على الساحة الأفغانية وتسيطر حاليا على نحو 40 بالمئة من مساحة البلاد.
لكن آفاق السلام تظل ضبابية لأن الخطوة المقبلة هي التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأفغانية بشأن وقف شامل لإطلاق النار ومستقبل حكم البلاد.
ويقول مسؤولون وخبراء إن ذلك سيشكل تحديا خطرا إذ أن الحكومة الأفغانية كانت مهمشة حتى الآن.
وحتى قبل الوصول لمرحلة المحادثات مع طالبان، يتعين على الخصمين السياسيين الرئيسيين في أفغانستان وهما الرئيس أشرف غني ومنافسه ونائبه السابق عبد الله عبدالله تسوية خلاف مستمر منذ فترة طويلة بشأن اختيار المسؤولين وشخصيات المعارضة والمجتمع المدني الذين سيتفاوضون مع طالبان.
وترغب طالبان في خروج خمسة آلاف مقاتل من سجون تابعة للحكومة الأفغانية بموجب الاتفاق لكن لم يتضح إن كانت الحكومة ستقبل بذلك.
وقال مستشار الأمن القومي الأفغاني حمد الله مهيب في مقابلة مع محطة طلوع الإخبارية إن الحكومة الأفغانية لم تقطع على نفسها تعهدا بالإفراج عن خمسة آلاف سجين بحلول العاشر من مارس آذار وهو التاريخ المحدد في الاتفاق.
وأضاف مهيب أن الاتفاق يفتقر إلى الوضوح بشأن علاقات طالبان مع باكستان.
وتتهم أفغانستان مرارا جارتها باكستان بدعم متشددي طالبان. وتنفي باكستان ذلك وتتهم بدورها أفغانستان بدعم متشددين يقاتلون حكومتها.
وهناك تساؤلات أيضا عما إذا كان مقاتلو طالبان الموالون لجماعات إسلامية متشددة ومنشقة مستعدين للالتزام بخفض العنف.
” رويترز”