كيد النسوان ؛؛؛-د.عصمت حوسو – الأردن
العالم الآن – المكر والحيلة والخداع والكيد والغيرة التي تتمتع به بعض (النسوان)، يفوق ضرره “الوسواس الخنّاس” خطرًا؛ لأنّ طاقتهنّ مهدورة في التخطيط والتدبير وتصيّد الأخطاء لإيذاء من هنّ أفضل شأنًا، وأرفع قدرًا، وأعلى منهنّ منزلة في البلاد وبين العباد، فلولا شعور تلك النسوة في (الدونية) المرضية، وعدم استطاعتهنّ الوصول لما وصلن إليه تلك -النساء الحقيقيات لا النسوان- لما قمنَ بحملات القصف والتشويه والإيذاء واغتيال الشخصية واختلاق الأكاذيب وتحريف الحقائق حول من يشعرن اتجاههنّ في الغيرة المفرطة..
العداوة (الجليّة) المعلنة لتلك النوعية من النسوة لا تُخيف إطلاقًا؛ لأنّ جاهزية الصدّ لإيذائهنّ والوقاية منها تكون حاضرة وفي حالة تأهبّ دائم، ولكن ما يؤذي حقًا، وما يؤلم في ذات الوقت عندما تكون العداوة (خفيّة)، وتأتي الطعنة من الظهر ممن كنا نعتقد أنهنّ أقرب الناس إلينا؛ فالإيذاء هنا أشدّ وقعًا على النفس وأكثر إيلامًا؛ لأنه يأتي من مسافة قريبة جدًا وجدًا، ولأنّ الصدمة تكون أكثر وجعًا من السلوك المؤذي نفسه..
ولا يوجد تفسير لذلك السلوك البغيض سوى (الأنانية) المطلقة، بالإضافة إلى الحقد والحسد والغيرة الشديدة، والرغبة في الشهرة على ظهور الناجحات، ومثل تلك التصرفات لا يمكن تفسيرها أو تبريرها من ناحية (منطقية) على الإطلاق؛ لأنها لا تنمّ إلاّ عن نفسٍ مريضة مشوّهة ومُتخمة في الشرّ، وترفض أن ترى (السعادة) تغمر من حولها، كما ترفض لهنّ التقدم والنجاح والشهرة، فتبقى تلك الفئة من “النسوان” أسيرة في عالم أسود مليء بالأنانية المقيتة، وحبّ الذات المفرط حدّ المرض، وتكمن خطورة ذلك أحيانًا عندما يتمّ تغطية الشرور بغلاف الدين المُفصّل على أهوائهنّ وأمزجتهنّ وبما يخدم مصالحهنّ فقط..
هذه ظاهرة قديمة متجدّدة واعتدنا على وجودها عند تلك الفئة، ولكن ما يحدث على أرض الواقع حاليًا ينسف كل جهود من يدّعون (حقوق المرأة)، ومن يغرّدن “صوريًا” في مصطلحات برّاقة مثل (تمكين المرأة)، فتلك النظريات لا تخرج عن إطار الحبر على (الورق) والتظاهر بذلك أمام الإعلام؛ لأنه ببساطة شديدة لا تحرّك تلك المؤسسات والعاملات فيها ساكنًا عند تعرّض أيّ امرأة ناجحة لاغتيال الشخصية والتشريح، وفصلها من العمل مثلاً، فكيف أيضًا إن كان الاغتيال والتهميش من اللواتي يعملن في هذا المجال أنفسهنّ، وهنّ يجاهرنَ في موضوع الحقوق ليلاً نهارًا؟!
هنا الكارثة الحقيقية فعلاً، والتي جعلت المرأة تراوح مكانها رغم كل الجهود؛ ويعود السبب في ذلك إلى الخوف على المصالح الشخصية والمناصب الذاتية، فتختفي تلك النسوة عند أيّ حدث أو مصيبة تنال إحداهنّ، ولا تؤازر لو حتى بكلمة أو تعليق على وسائط (التناحر الاجتماعي)، ويكتفين بالصمت أو ربما المؤازرة بشكل سرّي، وقد يتحجّجن كالعادة بعدم علمهنّ بما جرى ويجري !!! والأسوأ من ذلك عندما لا تتوانَ “بعضهنّ” عن المشاركة في الإيذاء كذلك، إن كان هناك أحقاد شخصية حان وقت تصفيتها، وجاءت الفرصة جاهزة على طبق من ذهب وضعه المجتمع أمامهنّ للأسف الشديد..
وعليه، فإنّ مقولة “المرأة ضد المرأة” لن تختفِ في ظلّ ما يحدث اليوم، بل على العكس، لقد زاد شيوعها فعليًا لا لغوًا، على الرغم من ازدياد العمل في هذا الحقل من قبل الحقوقيات ومؤسسات المرأة..
الصورة النمطية لسمة (الكيد) وربطها بالمرأة لا ينفِ أبدًا وجودها عند الرجال كذلك، لعلّ الواقع خير شاهد على ذلك، وفي كل الأحوال هي صفة مذمومة ورذيلة لا تليق بالإنسان، سواء كان رجلاً أم امرأة، وعلى الصعيدين الفردي والمجتمعي على حدّ سواء.
وهو المشهد المضحك المبكي فعلاً لمكر الإنسان ضدّ الإنسان، وللسلوكيات المشينة من قبل أعداء النجاح، في تقزيم الآخر واختزاله، وانشغاله في اغتياله، ونحن نعيش في ظلّ ظواهر عالمية خطيرة، وأحداث سياسية مريرة، تهدّد الوجود للإنسان وتسهّل ضياع الأوطان..
لذلك نكرّر كما نقول دومًا، لا يمكن أن نبني الإنسان والأوطان، ونتطور على جميع الصعد، ولا سيما الجانب الحقوقي منها، إلاّ من خلال (التمكين) الداخلي “النفسي” أولاً قبل النجاح في التمكين الخارجي “الاجتماعي”؛ لأنّ التصالح مع الذات ومع الآخر هو فقط ما يخلق السلام الداخلي والخارجي، ويحقق الأمن والأمان الإنساني..
وأخيرًا أنهي هذا المقال بأمنية يبدو أنها مستحيلة، في العودة المحمودة للإنسان العربي بشكل عام، وللمرأة بشكل خاص، في بوتقة الوحدة والدعم والتعاطف، والأهم ((الرحمة))، فارحموا من في الأرض، ولا تقزّموا الآخر وتشرحوه على غلطة، صغيرة كانت أم كبيرة، حتى يرحمكم من في السماء..
وحتى ذلك الحين سيبقى قلمنا نابضًا في وصف الظواهر الإنسانية المرضية، النفسية منها والمجتمعية على حدّ سواء…دمتم….
دة.عصمت حوسو