الأناقة في زمن الإصابة – الكاتب صالح العجلوني _ الأردن
العالم الآن – تتنوع أشكال الأناقة وأصنافها ؛ فمنها ما يسكن الهندام كملابسِ البدنِ وما نرتديه في الأقدامِ ، ومنها ما يسكن الجسدَ كالروائحِ والقوامِ ، وبعضها يسكنُ الروحَ كالسكينةِ والاطمئنانِ ، ومنها ما يسكنُ في الحروفِ والبيانِ كحسنِ اللّفظةِ واختيار عبارة التخاطبِ والكلام ، وشكل الأناقة الذي يعنينا في هذه الفترة الحرجة ونركز عليه هو ما يسكنُ في التصرف والسلوكِ الذي يقول عنه علماء النفس أنه محكمٌ بتوابعه فإن أدى إلى حدوث شيء جميل أو تحصل من خلاله الفرد على مكافأة نما وتعزز وإن اتبع بما يكرهه الفرد ابتعد عنه وتجنبه … والسلوك الذي يعنينا هذه الأيام هو ذلك السلوك المتمثل باتباع التعليمات إذ يعود بالنفع والخير على الفرد والمجتمع تلك التعليمات التي تؤكد اهمية البعد عن المصافحة والمعانقة والقبلات
فمن المتعارف عليه في عالمنا العربي والكثير من بلدان العالم أن المصافحة والسلام تعد من آداب اللقاء مع الصحب و الأهل و الزملاء أو حتى في المناسبات وعند الزيارت ، وقد نتفرد نحن العرب عن غيرنا بحب إظهار العواطف الجياشة عن طريق التقبيل والأحضان والشد على الأيدي وعصرها وهز الأبدان وأتذكر هنا شخصًا كان يكاد أن يطرحك أرضًا من حرارة وده في السلام ومن شدة الموجات العاطفية التي يكتنزها تجاهك أو تجاه من يبادله الود .
وقبل يومين قمت بزيارة لأخي الذي يسكن في مدينة تبعد عني 167كم وقبل الزيارة جهزت كافة مستلزمات العناية الشخصية الخاصة بي ولما وصلت سلمت عليه بدون مصافحة أو عناق أو تقبيل وقد قمت بالسلام بتلك الطريقة لأنه يهمني ولأني أعزه وأقدره فالمعزة والتقدير والاهتمام تقتضي جميعها حماية من نحب ونقدر ونعز ؛ فالله قد وهبنا لسانًا نستطيع من خلاله التسليم والتعبير عن المشاعر والتواصل ، وخاصة في هذه الظروف إذ يجب علينا تفعيل خطة الطوارئ التي نادى بها أهل العلم والاختصاص التي تقتضي علينا احترام الحيز الشخصي للأهل والصحب والأحبة وغيرهم من المحيطين بنا وعدم اقتحامه بالمصافحة والتقبيل والأحضان لتضيق مداخل العدو الذي داهمنا ؛ لأن هذا الوباء ليس له صديق ؛ فهو عدوك وعدو عدوك وعدو صديقك وعدو أهلك
ونُصرتُ هذا العدو تكون بالملامسة والمصافحة والتقبيل و الأحضان …والآن بعدما وعيت الجسور التي سيدخل منها عدوك فهل ستحافظ عليها وتترك ذلك العدو يتخذُ من سلوكك جسرًا للنفاذ إلى أهلك وصحبك؟؟ أم ستهدم تلك الجسور التي توصله إلى أحبتك؟؟؟
وهل ستنصر أهلك وصحبك وبلدك والعالم أجمع أم ستخذلهم ؟؟؟
فأنت قد علمت ركن الأناقة المطلوب التحلي به في هذا الزمان فهل ستلتزم به وتكون أنيقًا وتتبع التعليمات؟؟
فقمة الذوق والأناقة تكمن في اتباع قانون الزمان والمكان .
فإن علمت ولزمت ؛ فأنت إنسان صالح عاقل ، وإن علمت وما عملت ؛ فأنت إنسان مستهترٌ مستخفٌ ومذنبٌ ، وإن علِمْتَ وتعمدت مخالفة قواعد الحماية ؛ فأنت عدوٌ، وإن لم تعلم ولم تدري ما تعمل فأنت طفل أو جاهل أو فاقد لعقله ، ومسؤوليتك تقع على أولي الألباب المحيطين بك فاختر لنفسك تصنيفًا يليق بك ؛ فإن الأمن والسلامة تكمن في اتباع التعليمات كما تقول تلك القاعدة الانجليزية:
safety is follow instructions
وأضيف هنا أيضًا
أن السلامة النفسية والعقلية تكمن في اتباع التعليمات والبعد عن المحضورات ، وهذا السلوك هو الذي يفرق العاقل المدرك المميز عن غيره من البشر ؛ فالسمع والطاعة من مقتضيات الدين
؛ فإن كنت مصابًا بهذا الوباء لا سمح الله فقد حميت الآخرين والمحيطين بك مما أصابك وعملت على محاصرة هذا العدو الذي استوطن جسدك ووفرت المبالغ الطائلة التي ستنفقها الحكومة من أجل المكافحة والعلاج ، وإن كنت سليمًا فقد حافظت على صحتك وسلامتك وضيقت مداخل هذا العدو الذي انتشر انتشار النار بالهشيم …
وفي الختام نسأل الله السلامة للناس كافة والعالم بأسره ..