في الأردن كورونا تكشف حب وتضحية أم لأبناءها بقلم رزان العرموطي
العالم الآن – نستيقظ في الصباح الباكر على صوت المنبه الخاص بنا.. لنبدء نهيء بأنفسنا للخروج… ولكننا… نتفاجئ ان لا أحد مستيقظ في المنزل سوانا..! فالجميع لا زالوا نائمون فنعتقد اننا نحن المبكرون اليوم..!!
فنخرج بسيارتنا فإذا بها الشوارع فارغة تماماً وهادئة جداً..!! حتى أن أُذننا بدأت تتألم لأنها لم تسمع الصوت الذي اعتادت عليه… صوت ضجيج السيارات وأزمة السير التي كنا نتذمر منها كل صباح..
لنصل إلى مكان العمل الذي كنا ننتظر بفارغ الصبر يوم نأخذ به اجازة لنرتاح من العمل.. فإذا به معتم.. ومغلق… ولا يوجد أحد سوانا.. ننظر يميناً.. وننظر يساراً… لننادي على اصدقاؤنا في العمل على من نحبهم.. ومن نكرههم..! لنشعر بضيق في صدرنا احساسنا بالوحشة إلى هذا المكان… لنتذكر المواقف الجميلة والسيئة… والأحاديث والمناوشات في هذا المكان.. ولكنه الان… فارغ.. مظلم.. موحش.. لنهرب مسرعين إلى سيارتنا ونذهب إلى جامعتنا فندخل من البوابة فإذا بها مهجورة.. زواياها صامتة.. مقاعدها فارغة… فتلفتنا يمينا ويسارا نتذكّر معلمينا… زملاؤنا… من نحبه ومن نسخر منه… وكم من مرّة نحاول جاهدين خلق أعذار لعدم حضور المحاضرات.. ولكن.. الآن نحن هنا لكنه لا يوجد محاضرات… لا يوجد زملاء.. لا يوجد معلمون.. ولا يوجد صوت… فقط… يوجد صمت.. صمت مؤلم.. آه كم هو مؤلم.. لنقوم بفرك أعيننا ونلذ بالفرار إلى سيارتنا والعرق يصب من وجوهنا رعباً وخوفاً من أن تكون هذه حقيقة.. نشعر بالارتباك والخوف اكثر فنركن سيارتنا بمكان ما ونجلس ونفكر هل حصل شيء؟ هل هذه حقيقة ام وهم؟؟ أين هاتفنا لماذا لا يزعجنا صوت رنينه من قبل الأصدقاء.. هيا نذهب إلى السوق.. هيا نذهب إلى المطعم.. هيا نذهب إلى النادي… فننظر إلى هاتفنا فإذا بها الساعات تمضي فقط دون رنين..!! فنذهب إلى صالة السينما في إحدى المولات واذا به المول فارغ لا يوجد أحد.. فقط نحن.. فقط.. فنذهب إلى صالة السينما فإذا بها فارغة.. فينتابنا الرهبة والقلق فنجلس على مقاعد السينما وفجأة تصلنا رسالة على الهاتف.. تحذير من فيروس كورونا لنتذكر واخيرا الازمة التي نمر بها لنتنفس بعمق لنرتاح قليلا ان هذا الوضع مؤقت..
فنبدأ بالتأمل في شاشة السينما السوداء وكان شريط حياتنا نراه في هذه الشاشة ومع تزامن اليوم بيوم عيد الأم فشعرنا حينها ان لكل انسان في هذا العالم أمٌ واحدة الا المواطن الأردني لديه أُمّان.. أمّه التي ولدته ربما تكون على قيد الحياة فندعو الله أن يطيل بعمرها وربما فقدت الحياة فندعو لها بالرحمة… فكل أردني لديه أمٌ أنجبته.. ومَملكتنا الأردنية الهاشمية هي أم لكل أردني وهي الأم المحتضنة الحنونة التي لا تموت.. فباسمي واسم كل أردني وأردنية نعتذر منكِ يا أمّنا عندما كنا نتذمر من أزمة شوارعكِ فيا ليت نغمة ضجيج شوارعك تعود لتطرب آذاننا.. نعتذر منكِ لأننا لم ندرك قيمة جامعاتكِ التي عملت جاهدةً لكي تخرجينا منها جيل متعلم مثقف واعٍ.. نعتذر منكِ يا أمّنا الحبيبة عندما كنا نخلق خلافات ونختلف وانتِ لطالما تمنيتِ ان نكون يداً واحدةً.. يداً اردنية متحدة.. نعتذر على انانيتنا بالتأفّف في وجهك لمجرد انكِ تصدرين قرارات لا تناسبنا دون أن نعي الحكمة من ورائها.. فمع كل هذا فقد احتويتنا واقشعرت ابداننا من شعور الحنان والعطف الذي زرعتهِ بنا عند ألمكِ وخوفكِ علينا من أن يصيبنا اي مكروه فتحديت العالم وجلبتي ابناءك إلى أحضانكِ خوفاً من أن يصابوا بالوباء.. وفتحتي جميع ابوابك من مستشفيات وفنادق لرعايتنا دون الاكتراث للمصاريف التي ستترتب عليكِ.. فكم انتِ حنونة واصيلة عندما تنشرين جنودك ليحموا أبناءك لا ليقتلوهم… ربما نحن قسونا عليكي ولكنك لم تقسي علينا… فتعاملتي معنا بروح الام الحنونة.. ربما نحن ذهبنا لنعيش في دولة أخرى ولكن ثمة شعور غريب ودفئ وراحة لا نشعر بها تحت أي سماء سوى سماءكِ يا ام الأردنيين.. كم نحن فخورون عندما نرى الشعوب في مختلف أنحاء العالم يحسدوننا لأننا أبناءك.. فربما بلادهم جميلة وربما غنية.. ولكن حنانك أجمل ومحبتك أغلى.. فربما جواز سفرهم يعبر عن الاقتصاد والمال ولكن جواز سفرنا يعبر عن الأمان..
نعتذر مملكتنا الحبيبة.. أمّنا الحنونة.. فلن نتخلى عنكِ ولن نتمنى غير ترابكِ ما حيينا.. فنحن نقول شكراً كورونا لأنك كشفت المشاعر الحقيقية بين الام وابناءها.. مملكتنا الاردنية الهاشمية فخر نفتخر به دائما وعلى رأسها ملكنا الحبيب الحنون الحكيم… عبدالله الثاني ابن الحسين انت دواء الاردنيين وملكتنا رانيا العبدالله الطيبة المتواضعة قدوة لامهات الاردنيين.. فلمثلكم ترفع القبعات.. وباسمي واسم كل أردني واردنية نهنئ مملكتنا الاردنية الهاشمية امنا وأم كل أردني واردنية بعيد الام وندعو الله أن يحفظها لنا آمنة مستقرة مزدهرة دائما.. صدقا لقد فاض اشتياقنا للسير في شوارعك المزدحمة.. اشتقنا يا أردن !