حرب أسعار النفط في ظل أزمة كورونا نور كاشور – الأردن
العالم الآن – شرخ كبير بين روسيا والسعودية وتفكك اتفاق بين أعضاء منظمة (أوبك+) والمتضرر الأكبر هي الولايات المتحدة، وإجراءات تقشفية لدى شركات النفط الصخري الأمريكية والاستغناء عن آلاف العمال العاملين فيها، فمن سيكون الرابح الأكبر والخاسر الأكثر؟
نور كاشور
عقب تدهور الأسواق العالمية بسبب تداعيات فيروس كورونا، انهارت أسعار النفط ليصبح سعر البرميل 20 دولارًا، بعدما ضعف الطلب العالمي على المحروقات بسبب هذه الجائحة، التي تسببت بإغلاق لبعض المناطق والمدن في كثير من دول العالم وتوقف الطائرات وتقييد للسفر على الطرق، لكبح انتشار فيروس كورونا.
بالوقت نفسه تخوض الدول المنتجة الرئيسية للنفط مثل: السعودية وروسيا حرب أسعار من خلال زيادة في الإنتاج وإغراق السوق بالنفط، مع قلة الطلب عليه بسبب جائحة كورونا، فأدى ذلك إلى أن يفقد النفط نحو ثلثي من قيمته.
عودة إلى الوراء في شهر أذار الماضي ، ومع بداية تراجع الطلب على النفط الذي سبب الخوف لدى دول الأعضاء في أوبك وأوبك بلس وبما فيهم روسيا، تم عقد اجتماع من أجل تقليل كمية الإنتاج العالمي للنفط والمحافظة على برميل النفط ورفعه، و كان من المفترض على دول الأعضاء خفض الإنتاج بنسب متفاوتة.
ولكن بالاجتماع الأخير لم يكن أي توافق روسي سعودي حول هذه الآلية، والسبب في هذا أن روسيا تسعى الإطاحة بشركات النفط الصخري في الولايات المتحدة، بغية استهداف شريحتها السوقية بعد أن توسعت شركات النفط الصخري الأمريكية على حساب خفض الإنتاج بالسنوات السابقة الذي كان يخدم هذه الشركات، وبالتالي الحفاظ على الأسعار التي تتراوح بين 60- 70 دولارًا للبرميل يدعم صناعة النفط الصخري الأمريكي، فهل يكون قد حان موعد المعاقبة الروسية للولايات المتحدة وإدارة ترامب بعد فرضه عقوبات على قطاع الطاقة في روسيا؟
بناء عليه جاءت السعودية برد فعل عكسي تمثّل بخفض أسعار برميل النفط خلال شهر إبريل من 6 دولارًا إلى 8 دولارًا، مما عزز الكمية الإنتاجية السعودية وبالتالي نتج عنه خلل في سوق النفط العالمي وتأثيرات سلبية، فالمعروض النفطي مرتفع، وبالتالي فإن أسعار النفط سوف تنخفض، وكما تعلمون سوق النفط كيغره من الأسواق قائم على العرض والطلب.
المتضرر الأكبر هي الولايات المتحدة
خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض للرئيس ترامب يوم الجمعة الماضي حول فرض تعرفة على نفط السعودية وحرب الأسعار مع روسيا تحدث قائلا: “انظروا، لقد استغلت البلدان الولايات المتحدة لسنوات. لقد خدعونا بصورة قد لا يصدقها أحد، سواء كان ذلك في التصنيع، سواء كان ذلك في التصدير، سواء كان على أي شيء تقريبًا، بما في ذلك الجيش، حيث نقدم مساعدة عسكرية مجانية للبلدان تستغلنا، ولا تحبنا حتى حسنًا”.
وبالتالي فإن استمرار حرب الأسعار بين السعودية وروسيا وانخفاض أسعار النفط ، سيتسبب بمتاعب اقتصادية كبيرة للولايات المتحدة التي تعتبرمعقل لشركات النفط الصخري والذي يعد تكلفة استخراجه أضعاف تكلفة استخراج النفط المتمثّلة بالطرق التقليدية، علمًا بأن هذه الشركات تخسر عندما تنخفض أسعار النفط عند 35 دولارًا للبرميل، فتبدأ بالإفلاس وإتخاذ إجراءات تقشفية، وتسريح آلاف من موظفيها، كما حصل في عام 2014 وعام 2016.
من سيكون الكاسب الأكبر والخاسر الأكثر؟
بالنسبة إلى السعودية والتي تعتمد على عائدات النفط في الإنفاق، وعلى الرغم من الاحتياطات النقدية الضخمة التي تصل إلى أكثرمن 500 مليار دولار، فبحسب الخبراء فإن السعودية سوف تتحمل الإنخفاض لفترة من الزمن ولكن بعد ذلك ستعاني من عجز مالي في حالة بقاء سعر البرميل عند 30 دولارًا، أما بالنسبة لروسيا سيتلقى اقتصادها صفعة مؤلمة ولكن ستبقى الأقوى في هذه الحرب، بسبب تنوع اقتصادها وعدم اعتماده على عائدات النفط فقط، بالإضافة إلى تراكمات احتياطات نقدية في صندوق الثروة القومي والتي تصل إلى 570 مليار دولارًا، فلذلك ستصمد لسنوات أطول عند سعر البرميل من 25-30 دولارًا.