الخوف من كورونا يؤرق السجون المزدحمة في مصر
العالم الآن – في شهر أبريل نيسان الماضي وقف محمد عماشة طالب الطب في ميدان التحرير بالقاهرة ورفع لافتة كتب عليها ”الحرية للسجناء“. فاعتقلته السلطات.
صورة حصلت عليها رويترز لمحمد عماشة طالب طب أمريكي الجنسية مصري الأصل اعتقلته السلطات المصرية.
والآن يخشى عماشة الأمريكي الجنسية المصري الأصل انتشار فيروس كورونا في سجون مصر المكتظة بالسجناء وهو ينتظر منذ أكثر من عام محاكمته بتهمة إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي ومساعدة جماعة إرهابية.
وفي الشهر الماضي قال والدا عماشة، المصاب بأحد أمراض المناعة الذاتية والربو، إنه بدأ إضرابا عن الطعام للفت الأنظار لمحنته.
وعماشة واحد من 114 ألف مسجون في مصر وفقا لتقدير حديث للأمم المتحدة.
وقد أعلنت مصر التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة رصد 3490 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد من بينها 264 حالة وفاة.
وأبدى كبار المسؤولين ثقتهم في أن بالإمكان احتواء الفيروس من خلال تدابير سارية منذ 25 مارس آذار من بينها الحجر الصحي وحظر التجول ليلا وحملات توعية المواطنين.
غير أن أهالي السجناء وجماعات حقوقية ينادون منذ ظهور أول إصابة بالمرض في 14 فبراير شباط بإطلاق سراح المسجونين بما في ذلك السجناء السياسيين الذين زجت بهم السلطات في السجون في إطار حملة على المعارضة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتقول بعض الجماعات الحقوقية وسجناء حاليون وسابقون إن نزلاء السجون يتكدسون في كثير من الأحيان في زنازين مكتظة غير نظيفة لا تتوفر لهم فيها المياه مباشرة من الشبكات ولا وسائل التهوية أو الرعاية الصحية الكافية، وكلها ظروف مواتية لانتقال العدوى بسرعة.
وفي حين أطلقت دول منها إيران وألمانيا وكندا سراح سجناء في محاولة لاحتواء تفشي جائحة فيروس كورونا، لم تبد مصر أي إشارة علنية إلى أنها قد تفعل ذلك.
وقد أرسل المركز الصحفي التابع للحكومة لرويترز بيانا من وزارة الداخلية يوم الخميس الماضي جاء فيه أن الوزارة تتخذ جميع تدابير الوقاية والحماية الضرورية للعاملين في السجون بما في ذلك أعمال النظافة والرعاية الصحية والاختبارات الطبية اللازمة في مقار احتجاز السجناء.
كما علقت الحكومة الزيارات العائلية للسجون في العاشر من مارس آذار للحد من خطر انتشار العدوى رغم أن بعض الأسر تقول إن هذه التدابير تجعل من الصعب عليها توصيل مواد مثل الصابون والأدوية للسجناء.
وقالت وزارة الداخلية إنها تسمح بتوصيل لوازم السجناء وتبادل الرسائل.
وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي نظمت السلطات جولات تحت إشرافها المحكم لمجمع سجون طرة الذي انهار فيه الرئيس السابق محمد مرسي وتوفي في قاعة محاكمته بالمجمع العام الماضي والمحتجز فيه عماشة أيضا.
وجاءت هذه الجولات بعد أن قال تقرير أعده خبراء الأمم المتحدة إن سوء الأوضاع في السجون ربما يكون قد أدى مباشرة لوفاة مرسي وإنه يعرض الآلاف لمخاطر شديدة.
* احتجاج في السجن
قال محام حقوقي على اتصال بالسجناء إن إضرابا عن الطعام بدأ في عدة عنابر في مجمع سجون طرة في أواخر فبراير شباط احتجاجا على سوء الأوضاع ونقص المعلومات عن فيروس كورونا المستجد والتقاعس عن تطهير الزنازين.
وأضاف المحامي أن الإضراب عن الطعام انتهى بعد أسبوع تقريبا عندما بدأ المسؤولون في السجن السماح بدخول المزيد من الأدوية والملابس والرسائل.
ولم يرد متحدث باسم وزارة الداخلية على مكالمات هاتفية أو على رسائل عبر تطبيق واتساب طلبا للتعليق على ما قاله المحامي.
أما عماشة فواصل احتجاجه وقال والده عبد المجيد لرويترز إنه نُقل إلى مستشفى السجن وإنه يخشى أن يكون مصير ابنه مثل مصير مصطفى قاسم الأمريكي المصري الذي توفي في السجن بمصر في يناير كانون الثاني بعد إضراب عن الطعام لم يكن يتناول فيه سوى السوائل.
وقالت نجلاء عبد الفتاح والدة عماشة ”هما هيسيبوه لحد لما يموت مني؟ أنا حتي مش عارفة عنه حاجة ومش عارفة أكلمه علشان أقول له متعملش كده“.
ولم يتسن الاتصال بالمتحدث باسم وزارة الداخلية للتعليق على قضية عماشة.
وامتنعت السفارة الأمريكية في القاهرة عن التعليق مباشرة على وضع عماشة لكنها قالت إنها طلبت السماح بالتحدث مع عدد غير محدد من الأمريكيين المسجونين هاتفيا لحين استئناف الزيارات.
وفي العاشر من أبريل نيسان أرسلت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو تطالبه فيها بالمطالبة بالإفراج عن السجناء الأمريكيين استنادا إلى مخاطر فيروس كورونا.
ووردت في الرسالة أسماء عماشة و14 سجينا آخرين من بينهم اثنان آخران في مصر وآخرون في دول منها السعودية وإيران وسوريا.
وامتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق على هذه الرسالة بالتحديد. وكان ديفيد شينكر مساعد الوزير لشؤون الشرق الأدنى قال في فبراير شباط إن الأمريكيين المحتجزين تتردد أسماؤهم من وقت لآخر في الحوار مع مصر.
* حالة ذعر
قال أقارب الناشط المصري علاء عبد الفتاح الذي برز في الانتفاضة الشعبية عام 2011 والمحتجز في طرة بتهم من بينها نشر أخبار كاذبة والانتماء لتنظيم إرهابي وإساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي إنه بدأ أيضا إضرابا عن الطعام في 13 أبريل نيسان الجاري.
ولم ترد وزارة الداخلية على طلب للتعليق على وضع عبد الفتاح.
وفي الشهر الماضي اعتقلت السلطات والدة عبد الفتاح وشقيقته وخالته لفترة وجيزة بعد أن نظمن احتجاجا علنيا نادرا لتسليط الأضواء على مخاطر فيروس كورونا في السجون.
ويخشى باحثون حقوقيون أن ينقل الحراس الفيروس إلى السجون وقالوا إن عدة حالات مشتبه بها ظهرت في طرة وفي سجن وادي النطرون شمال غربي القاهرة.
ولم تستطع رويترز التأكد من مصدر مستقل مما إذا كانت حالات إصابة مؤكدة بالفيروس ظهرت بين السجناء. وقال مصدران بقطاع السجون إن الاختبارات أثبتت سلبية 14 حالة مشتبه بها في ثلاثة سجون.
وتتباين الأوضاع في السجون.
وقال مسجون اتصلت به رويترز إنه يخشى انتشار الفيروس لأن التباعد الجسماني مستحيل في السجن المحتجز به في القاهرة حيث يعيش 15 نزيلا في زنزانته ولكل منهم مساحة نصف متر مربع. ويقول باحثون إن هذا المستوى من الزحام ليس غريبا.
وتوصي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتخصيص مساحة 3.4 متر مربع لكل سجين على الأقل في مختلف أنحاء العالم.
وفي مارس آذار بدأت مصر تشهد أول بؤر للإصابات وقال المسجون الذي تواصلت معه رويترز ومسجون آخر أُفرج عنه في الآونة الأخيرة إن المعلومات عن المرض داخل السجون مقيدة.
أما في أقسام الشرطة حيث يحتجز من يلقي جنود الشرطة القبض عليه لخرق حظر التجول الليلي أو إغلاق المساجد قبل إطلاق سراحه بعد دفع غرامة فقد قال السجين السابق المطلوب منه الذهاب إلى قسم الشرطة بالقاهرة مرة كل أسبوع إن الزحام قد يكون أسوأ في مراكز الشرطة منه في السجون.
” رويترز”