حين يكون المعلم أردنياً – نضال سلامة – الأردن
العالم الآن – في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي ، كان المعلم الأردني يقطع الفيافي والمسافات مغادرا وطنه الذي أحب ، حاملا في يمناه كتب العلم ، وفي قلبه مشكاة العلم ، وفي ذهنه مواقد الفكر والحضارة ، مؤمنا متسلحا بأسلحة النور والعلم والفكر ، حاملا اياها الى الدول العربية المجاورة ، ليغرس فيها نبات العلم .
وتسارعت الأيام ، وتطورت الدنيا ، وحصدت تلك البلاد ما غرسه المعلم الأردني فيها ، ولا زالت الى اليوم تتغنى بإخلاصه وتفانيه في العمل والتعليم وقبل ذلك التربية .
إذا كان ذلك الحال في الدول المجاورة ، فكيف الحال بداخل الواطن ، مدنه وقراه ، بل حاراته ، وأزقاته ، التي شهدت على أقدام المعلم وهو يسير تحت زخات المطر ، وتحت لهيب الشمس ، ماشيا وراكبا ، لتعليم طلابه ، وغرس القيم الفضلى فيهم .
القصص عن تضحيات المعلم الأردني قديما وحديثا كثيرة ، ولا يمكن حصرها بمقالة أو مادة ، أو حتى مجلدات ومحاضرات ، ولكن يكفينا المشهد الذي بين أيدينا للمعلم عمر البدور ، من مدرسة البربيطة الأساسية المختلطة في محافظة الطفيلة ، كيف توجه بنفسه لمنازل طلابه ، الذي بدا واضحا عدم وجود وتوفر خدمة الإنترنت في منازلهم .
لم يقع أسير السلبية البغيضة ، ولا رهين الحيرة القاتلة ، ولا يرضخ لأسباب الوهن والعجز ، بل اتقدت في نفسه ، وكغيره من المعلمين ، إنسانية رسالته ، فحمل قلبه وانسانيته ، وكتبه وأدواته ، وجال بين منازل الطلاب ، معطيا اياهم حقهم في التعلم الذي كفله الدين والأخلاق قبل القوانين.
وزارة التربية والتعليم ، ممثلة بالوزير الدكتور تيسير النعيمي ، حيت هذه الروح بالمعلم البدور ، وعززت من خلال تغريدة أطلقها الدكتور النعيمي على حسابه بموقع “تويتر ” معربا عن فخره بالمعلم الأردني ، فكتب قائلا :” نعم، يحق لنا أن نفخر بمعلمينا، فمعهم دائما نكسب الرهان. إن المشهد الجميل الذي ظهر به المعلم عمر البدور من مدرسة البربيطة الأساسية المختلطة/ محافظة الطفيلة، وهو يكمل مشوار التعليم لطلبته في منازلهم، ليس غريبا على معلمينا، فقصص نجاحهم مستمرة، ونبع عطائهم لا ينضب، فبوركت جهودهم، ولهم خالص الشكر والتقدير.وزير التربية والتعليم”
فتحية الى كل معلم ومعلمة على ثرى الوطن ، فهم البناة ، وهم الجنود المجهولون الذين سيغرسون قدم الوطن في المسير نحو النهضة الفضلى ، والخروج من الأزمة التي يمر بها سالما منتصرا بإذن الله تعالى.