(الهروب نحو القمة) – رانيا أبو عليان

العالم الآن – لم تكن حياتي بتلك الرفاهية التي يظنون،….خاليةً من الخيبات والإنتكاسات والليالي الطويلة التي يرافق فيها الدمع وسادة الأنثى حتى يُغرقها حُزناً ثمَّ يأخذها الإنهاكُ من وجع خيباتها فتغفو بائسة…
لم تتسخر لي الفُرصُ للتعليم والعمل لما أملك من جاذبيةِ كما يظنون….فالله وحده يعلم كم تعبت وجاهدتُ للوصول…الله يعلم كم سهرتُ منحنية على كتابٍ أو جهازٍ محمول لأحصل على ما حصَّلتُ عليه من علاماتٍ وإنجازاتٍ وترقيات،….الله يعلم كم جاهدتُ لأكون طالبةً نجيبةً وموظفة متميزة ومُعلمة مبدعة وأما وإبنةً وزوجةً…معاً،…..
تُعلمنا الحياةُ أحياناً “فن إدارة الأزمات” التي تتباهى وتتفاخر حكوماتٌ بمحاولات العمل به،….نعم…فكم كان عليَّ أن أختلس فترة راحتي بالعملِ لأدرس لجامعتي وما بين محاضرات الجامعة لأتابع أمور عائلتي،…وما بين هذا وذاك لأتابع ما لي و ما عليَّ من واجبات،…لأنسى أحيانا حقَّ جسدي عليَّ من راحةٍ ووجَبات….
ولمن طلبن مني تلك الوصفة السحرية “كيف يمكن أن تكون الأنثى أُما وزوجةً وطالبةً وموظفةً وناشطةً إجتماعية…وتبدع أيضا”؟؛ أقول:إنتهجت طوال سنين عمري منذ وعيي البسيط وبداية النضوج نظرية أسميتها”نظرية الهروب نحو القمة”…فكنتُ كلما أتعثر أنهض لأهرب من تلك العثرة نحو القمة ونجاح جديد،…
لم أنظر للخلفِ أبداً ولما أنجزتُ سابقاً، كان أمامي في القمة دائماً ما كنتُ أبحث عنه وأسعى جاهدةً للوصولِ إليه،…لم تكون حياتي بلا همومٍ كما يعتقدون وأنا كما تُطلق عليَّ صديقاتي المقربات لقب “العيوطة” ؛ فدموعي أقربُ اليَّ من أي تعبيرٍ وتسبق حتى مناقشة أي موقف حصل معي كما يحصل من مواقف مع البشر، …..ولكن حتى في حزني كنتُ دائماً أهربُ نحو القمة والتقدم ونحو إنجازٍ جديدٍ يُداوي ما كسرَ الحزن في قلبي ويأخذني من درجة الحزن لدرجة أصعد فيها سُلَّم الحياة نحوَ تميُزٍ وإنجازٍ جديدٍ،….
….ومع تقدُم العُمر اكتشفت وأدركت أنَّ فكرةً واحدةً ونظريةً واحدةً قد تصل بك لأعلى سلالم التألق والنجاح…ونظرية مًحبطة أخرى قد تأخدك لعالم الهزيمة والإحباط والضياع….والآن وبعد تجربتي التي كُنتُ فيها أنموذجا وإختبرتها على نفسي بكل تفاصيلها ؛فإني أنصحكن وأنصحكم بتجربتها..فلتهربوا ولتهربن من كُلِ واقعٍ أليم، ومن كل تجربةٍ بائسة،ومن كُلِّ حُزنٍ مقيم…هروباً سريعاً..ولكن بإتجاهٍ واحدٍ فقط……وهو(هروبٌ نحو القمة)
#رانيا_أبوعليان