هذا وقت التغيير – الإعلامية علا الناصر/ الأردن
العالم الآن – عتبر الإنسان أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء . وهكذا قطع الإنسان أشجار الغابات وحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، وأفرط في استهلاك المراعي بالرعي المكثف، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيمائية والمبيدات بمختلف أنواعها،والصناعات البلاستيكية وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ينعكس أثرها في نهاية المطاف على حياة الإنسان في هذه الأرض .
اصبح التدخل البشري في اختلال التوازن البيئي محدوداً بشكل كبير ، فقد كانت الاختلالات البيئية تحدث نتيجة عوامل طبيعية، فمثلاً كان انقراض بعض الكائنات الحيّة لأسباب طبيعيّة منها: عدم توفر العناصر الغذائية، أو نتيجة لارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، أو الفيضانات التي قد تقضي على الغطاء النباتي،. وفي العصر الحديث وخصوصاً بعد الثورة الصناعية، والثورة التكنولوجية أصبح العامل البشري هو المسؤول المباشر عن معظم المشاكل البيئية، والسبب الرئيسي وراء معظم المشاكل البيئية والاختلالات التي حدثت في النظام البيئيّ برمته، وأدى ذلك إلى تهديد الموارد الطبيعية غير المتجددة. لقد ساهم إنشاء المصانع الكبرى، والشبكات الهائلة لوسائل التنقل الحديثة، في انبعاث الغازات الضّارة بالغلاف الجوي، وكان هناك الكثيرمن الأنشطة البشرية رافقت عمليات التحديث بهدف زيادة معدلات النمو، ونسبة الرفاهية، لكنها في المقابل أثّرت سلبياً على المكونات البيئية الطبيعية وبالتالي ساهمت في اختلال التوازن البيئي . كما إنه للتصنيع والتكنولوجيا الحديثة احدثت آثاراً سيئة في البيئة، فانطلاق الأبخرة والغازات وإلقاء النفايات أدى إلى اضطراب السلاسل الغذائية، وانعكس ذلك على الإنسان الذي أفسدت الصناعة بيئته وجعلتها في بعض الأحيان غير ملائمة لحياته بسبب النفايات بانواعها كافة.
فبدأت الحكومات والمؤسسات تبحث منذ تزايد معدل التلوث البيئي وكثرة النفايات على سطح الأرض عن بدائل في خفض وارداتها من النفايات إلى الصفر خصوصا في مطلع هذه السنة،الى أن أخذت الأخبار تتدفق من الصين عن فيروس «كورونا» المستجد. وخلال أسابيع قليلة، أصبح العالم بأسره تحت وطأة الوباء الذي فرض تطبيق سياسات التباعد الاجتماعي، وتقييد الحركة عبر الحدود، ومع هذا كله الا ان هناك ومضة ضوء او يبدو أن بين “النعم” التي حلّت مع الأزمة، بدأنا نلاحظ امورا بيئية ايجابية و قلة في إنتاج النفايات .
والاردن كما العالم اتخذ الاجراءات الحاسمة في بداية الجائحة ورغم الاضرار الاقتصادية التي واجهتها البلاد وستواجهها كافة القطاعات لكن ماحصل كان انعكاسه على البيئة وعلى المواطن وعلى الكثير من عاداته تغيرت وكان لهذه التغييرات انعكاسات ايجابية و عادات جميلة وصحية لنا وللبيئة .
فمن العادات الجيدة التي حدثت وقد يكون لها تأثيرا بيئيا جيدا وعلى تقليل النفايات البلاستيكية وخصوصا الاكياس البلاستيكية هو استخدام اكياس القماش للتبضع . والتي تستعمل لأكثر من مرة . حيث انه في فترة حظر التجول اتبعت هذه العادة احدى شركات توصيل الاغراض الى المنازل .لأنه و للاسف رغم ان الأكياس البلاستيكية اعدت من الاختراعات التي سَهلت حياة الإنسان منذ عقود، و لا يكاد يخلو أي محل تجاري من وجود أكياس البلاستيك بدءًا من محلات الأغذية وانتهاءً بمحلات الملابس والأحذية، إضافة إلى أن المنازل تمتلئ أيضًا بها بأشكالٍ وأحجامٍ وألوانٍ مختلفة، غير أن الناس يجهلون مدى خطورة استخدام هذا النوع من الأكياس.
وهذه الخطورة تكمن من المواد التي تصنع منها هذه الأكياس فهي تُصنع من مصادر الطاقة غير المتجددة: إن المادة الأساسية المستخدمة في صنع أكياس البلاستيك هي البولي إثيلين، وهذه الأكياس تُصنع من النفط الخام أو الغاز الطبيعي اللذان يُعدان من مصادر الطاقة غير المتجددة، مما يعني أن تصنيع أكياس البلاستيك يؤدي إلى استهلاك هذه الطاقة، بالإضافة إلى أن طُرق تصنيعها تُسبب تلوثًا في البيئة.
كما أن أكياس البلاستيك لا تتحلل: يُقدر عدد الأكياس البلاستيكية المُستخدمة في العالم بحوالي 100 مليون لترليون كيس في السنة، وجزء ضئيل من هذه الكمية يُعاد تدويره، أما الباقي فيُترك في المكبات، ويحتاج كيس البلاستيك إلى ما يقارب 1000 عام ليتحلل وتُسبب هذه الفترة الطويلة بالإضافة إلى استمرار تصنيع الأكياس إلى تكدس كميات كبيرة منها مؤدية إلى تلوث البيئة. خطر على الحيوانات: عند وصول أكياس البلاستيك إلى بيئات الحيوانات فإنها تُشكل خطرًا كبيرًا على حياتهم، من الممكن أن تصل الأكياس إلى المياه، وتلتف حول الحيوانات المائية.
وهناك ضرر لا يمكن اخفائه ينعكس على صحة الانسان نتيجة استعماله المتكرر لهذه الاكياس خصوصا اذ وضع بها منتج دافئ حراريا كالخبز مثلا حيث ان الآثار الصحية لابتلاع الجزيئات الصغيرة و القطع الدقيقة كافي لاختراق الأنسجة البشرية والتي قد تتسبب التسمم وأمراض اخرى . كما أن للأكياس البلاستيكية السوداء خطورة تكمن حيث انه يمكن للحرارة أن تتسبب في ذوبان السموم الموجودة في البلاستيك مما يتسبب في اختلاط السموم مع الأطعمة، وذوبان كمية من البلاستك واختلاطها بالدم في جسم الانسان مما يتسبب في الاصابة بالكثير من الامراض مثل الزهايمر والضعف الجنسي وفقدان الخصوبة، واعتلال في نبضات القلب، والاصابة بمرض السكري وأمراض الكبد والرئة .
والسؤال اللذي يطرح نفسه ماذا نفعل .. أو ما هو البديل ؟
وهذا امرا ممكنا ويمكن الاعتياد عليه بايجاد بديل افضل لنا صحيا وللبيئة ايضا فمثلا قد يكون احد الحلول البديلة أكياس الخضروات والفواكه الورقية . تعد أكياس الخضار والفواكه الورقية التي يتم الحصول عليها عند القيام بشراء بعضًا من هذه الخضار والفواكه من البقالة واحدة من البدائل الجيدة جدًا لأكياس البلاستيك، وذلك لأن جميع أضرار أكياس البلاستيك التي سبق ذكرها غير موجودة في الأكياس الورقية.
كما انه قد يكون خيارا سهلا ويمكن عمله بالمنزل الأكياس القماشية القابلة لإعادة الاستخدام وعادةً ما تكون مصنوعة من قماش رخيص الثمن، ولكنه متين حيث يمكن استخدامه عدة مرات، فعند استخدام هذا النوع من الأكياس يتم توفير المال أيضًا، بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة . او ممكن ان تكون احد الحلول استخدام الأكياس البلاستيكية الصديقة للبيئة القابلة للتحلل حيث تستغرق الذي يستغرق 18 شهراً فقط حتى يتم تحللها .
أما حان الوقت الان ونحن نشهد تغييرات في حياتنا من بعد جائحة الفيروس التاجي لكي نستبدل الأكياس البلاستيكية المضرة بالصحة ببدائل لا تتسبب في أضرار على صحة الإنسان ولا البيئة لكي نحافظ على البيئة التي وهبها الله تعالى لنا . حيث بدأت الدول بالوعي لهذه المخاطر والعمل على استخدام البدائل الصحية فقد كانت الدنمارك أول دولة أقرت قوانين تساهم بحظر الأكياس البلاستيكي، في عام 1993 وتليها أيرلندا التي دفعت ضريبة باهظة على مستخدمي الأكياس، وأعلن الإتحاد الأوروبي أن انخفاض الاستهلاك في 2019 سيصل إلى %80 . فهل من الممكن ان تكون هذه المرحلة تشهد تغييرا لمصلحة صحتنا وبيئتنا .