الغموض يحيط بمصير هجوم قوات شرق ليبيا بعد انسحابها من جبهات القتال
العالم الآن – قالت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) التي يقودها خليفة حفتر يوم الأربعاء إنها تتراجع من جميع جبهات القتال في طرابلس، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على مواصلة هجوم استمر عاما بهدف السيطرة على العاصمة.
مركبات عسكرية تابعة لقوات الحكومة الليبية المعترف بها دوليا تتحرك من مصراتة إلى الجبهة يوم 3 فبراير شباط 2020. تصوير: أيمن الصالحي – رويترز.
وأعلن الجيش الوطني الليبي مساء الثلاثاء أنه سينسحب لمسافة تتراوح بين كيلومترين وثلاث كيلومترات لتحسين الظروف بالنسبة لسكان طرابلس في نهاية شهر رمضان، لكن الخطوة جاءت بعد خسارة معقل رئيسي يوم الاثنين.
وانقسمت ليبيا منذ عام 2014 بين الفصائل المتناحرة المتمركزة في طرابلس والشرق في حرب، كانت أحيانا فوضوية، اجتذبت قوى خارجية وفيض من الأسلحة الأجنبية والمرتزقة.
ويأتي قرار الانسحاب بعد سلسلة من الانتكاسات التي منيت بها قوات شرق ليبيا والتي تسلط الضوء على تغير موازين القوى في الصراع منذ تدخل تركيا في يناير كانون الثاني لمساعدة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة على صد هجوم حفتر.
ويتجسد الدعم التركي بوضوح في التوازن الجديد في القوى جوا، حيث تقصف طائرات مسيرة قوات الجيش الوطني الليبي بشكل متكرر، وقال متحدث باسم حكومة الوفاق إن ستة أنظمة دفاعية جوية روسية دُمرت يوم الأربعاء.
وبدعم من الإمارات وروسيا ومصر، لا يزال الجيش الوطني الليبي يحتفظ بكامل شرق ليبيا ومعظم الجنوب، بما في ذلك معظم المنشآت النفطية، لكن وجوده في شمال غرب البلاد، حيث يتركز سكان ليبيا، تعرض لضغوط شديدة.
وسيطرت حكومة الوفاق الوطني الشهر الماضي على سلسلة من البلدات الصغيرة التي تربط طرابلس بالحدود التونسية. وسيطرت يوم الاثنين على قاعدة الوطية، وهي القاعدة الجوية الوحيدة التي كان يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي قرب طرابلس، وهي مكسب استراتيجي كبير. كما انتزعت السيطرة أمس الثلاثاء على ثلاث بلدات صغيرة إلى الجنوب الغربي.
وقال شاهد عيان إن اشتباكات هزت صباح يوم الأربعاء مدينة الأصابعة جنوبي طرابلس، فيما أصابت صواريخ مدينة ترهونة، أهم معقل للجيش الوطني الليبي في المنطقة.
وفي الشهر الماضي، قال وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا إن السيطرة على ترهونة ستضع حدا لحملة حفتر لانتزاع السيطرة على طرابلس، لكن الأولوية للقتال في العاصمة.
وقال المصدر العسكري بالجيش الوطني الليبي إن الجيش استكمل في طرابلس انسحابا تدريجيا من جبهة صلاح الدين القتالية، وهي إحدى الساحات الرئيسية للقتال في العاصمة. وقال المتحدث باسم حكومة الوفاق مصطفى المجعي إن قواته تنتظر دخول صلاح الدين لكن الجيش الوطني الليبي لا يزال في بعض الأحياء الأخرى.
وتعرضت المناطق السكنية والمستشفيات وغيرها من البنى التحتية المدنية في طرابلس لقصف متكرر لعدة شهور.
* تحذير من التصعيد
في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء، حذر القائم بأعمال مبعوث الأمم المتحدة لليبيا من تصعيد جديد للصراع ودعا للضغط على الدول التي تدعم الأطراف المتحاربة.
ومع ذلك، لم تحرز الجهود الدبلوماسية للتفاوض على تسوية سياسية تقدما كبيرا، إذ تدفق المزيد من المقاتلين الأجانب والأسلحة على الرغم من وضع يقترب من الجمود استمر عدة أشهر بعد هجوم حفتر العام الماضي.
وخلال يومي الثلاثاء والأربعاء، وجهت الإمارات وروسيا اللتان تدعمان حفتر دعوات منفصلة لوقف إطلاق النار والتوصل لحل سياسي للصراع.
ولم تدم الهدنات السابقة طويلا واتهمت حكومة الوفاق الجيش الوطني الليبي وحلفاءه باستغلال وقف إطلاق النار لتعزيز الإمدادات العسكرية والاستعداد لهجمات جديدة.
وفي الوطية، سيطرت حكومة الوفاق على ما وصفته بنظام دفاع جوي من طراز بانتسير الروسي الصنع الذي قدمته الإمارات للجيش الوطني وتقول إنها أخرجت عدة أنظمة أخرى من العمل بغارات جوية في الأيام الأخيرة، وهو ما نفاه الجيش الوطني الليبي.
ولعبت الطائرات التركية المسيرة والدفاعات الجوية دورا رئيسيا فيما يبدو في تقدم قوات حكومة الوفاق في الأسابيع القليلة الماضية، مع ورود أنباء متكررة عن تعرض سلاسل إمدادات الجيش الوطني الليبي القادمة من الشرق لضربات.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يوم الأربعاء إنه نتيجة للتدريب والمشورة التركية ”تغير التوازن بشكل كبير في ليبيا“.
” رويترز”