(ليلة العيد) – رانيا أبو عليان

0 888

العالم الآن ….لازلتُ أذكرُ تلكَ التفاصيل الصغيرة التي كانت ترافق ليلة العيد في منزلنا الذي قَضيتُ طفولتي الجميلة فيه،…لا زلت أذكر “غسيل”ليلة العيد الذي كانت تُصرُّ عليه والدتي والذي يستمر للثالثة فجراً لترتاح من عناء “الغسيل” طيلة أيام العيد،…
….لازلت أذكر كعكَ العيدِ المصنوع من الطحين “المدور الشكل” ذاك،…والذي يملأ “جاطين”كبيرين، ليكفي عائلتنا الممتدة وضيوفنا الكُثُر،..
…ولا زلت أذكر إختلاساتنا البريئة من ” ضيافة وحلويات”العيد كلَّما سَمَحت لنا الفرصة.
…لا زلتُ أذكر تعزيل العيد الذي كانت والدتي تًصر عليه ليشمل النوافذ والأبواب والجدران وحتى السقف والزوايا الضيّقة والمخفيَّة،..
…وأمَّا تنظيف الأرضيات فَلَهُ حكايةٌ أخرى ،فلم يكن يًرضي والدتي الشطف العادي للأرضيات،.. بل كانت تُصِرُّ على ” جلي” البلاط ،بلاطةً..بلاطة بالسلكة والصابون النابلسي حتى يبرق ويلمعً للعَيَان.
…لا زلتُ أذكر تفاصيل تحضيرات ملابسنا وأحذيتنا وإكسسواراتنا والجولات الطويلة في أسواق ماركا لشراء ما نحتاج ،…
لا زلتُ أذكر تفاصيل الفرح الجميلة،..كلها تمرُّ أمامي في كلِّ عيدٍ فأدعوا لوالدي ووالدتي بشآبيب الرحمات على ما كان منهم من جميلِ العادات.
..ولكنّ ما لا أنساهُ ويفيض دمعي عندَ المرور عليه في كل عيدٍ تلك الاغنية،..هنالك بالمَرسَم الذي كان يُنجز والدي فيه مخططاته المعمارية ،وذاك المسجل القديم وعلبة الأشرطة بجانبه والذي يكتب بخطه الساحر الرائع على كل شريطٍ ما يحتويه،..
…لا زلتً أذكرٌ كيفَ كانَ في كلِّ ليلة عيدٍ يتجلى ويفتح أغنية يا ليلة العيد لكوكب الشرق أم كلثوم ..فتبدأ تراتيل وتحضيرات العيد على أنغامها ( يا ليلة العيد أنستينا وجددتي الأمل فينا)….ياااه يا ليلة العيد كيفَ تُحيي فينا كلّ هذه الذكريات على ناصية العمر،…ففي كل ليلةِ عيدٍ أغمضُ عينيّ لأفتحمهما على عُمرٍ من الذكريات والحنين ،..على ذكريات الطفولةِ ببيت العائلة منذُ أعوامٍ وسنين،…فأعود لأيامٍ كانت وكنَّا فيها مِنَ الهانئين،…
…فليتكِ الآن يا ليلة العيد تحملين ما قدَ كنتِ تحملين من أُنسٍ وتجديدٍ للأمل والسعادة..
….ولربما تركنا فرحتك وفيضَ آمالك هناك في بيت العائلة منذ زمن طويل….حين كان والدي يفتح تلك الأغنية في طفولتنا لتشدو كوكب الشرق بصوتها البهي…..وتبدا طقوس تحضراتنا للعيد على أنغام أغنيتها الساحرة يا”ليلة العيد”…
#عيد_سعيد
#كل_عام_وأنتم_بخير
#رانيا_ابوعليان

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد