تطبيع ونقيضه بقلم فتحي احمد
العالم الآن – تطبيع : مصدر طبَّعَ دَعَا إِلى تَطْبِيعِ العَلاَقَاتِ مَعَ العَدُوِّ : أي جَعْلِهَا عَادِيَةً هذا لغويا واصطلاحا معا سياسيا تعني ابرام اتفاقيات في مجلات الامن والسياسة والاقتصاد والزراعة وغيرها والذي يعبر عن زواج مصلحة كما في الحالة الامارتية الإسرائيلية فكان زواج عرفي او مسيار الى ان تطور ليصبح بعدها زواج شرعي والشهود العالم اجمع لو عدنا الى ورقة خطة السلام العربية التي خرجت من رحم المملكة السعودية في عهد الملك عبد الله فان هنالك شروط حملتها ورقة التسوية السياسية مع الفلسطينيين والإسرائيليين من ضمنها هو اعتراف مقابل دولة فلسطينية على تراب الجزء المحتل عام 67 من ضمنها القدس عاصمة لدولة فلسطين كعادتهم اليهود وبالتحديد رئيس وزراء إسرائيل وقتئذ شارون قال هذه الورقة لا تساوي الحبر الذي كتبت به تفسير ذلك ان لا دولة مقابل الاعتراف ولكن اعتراف مقابل السلام ونحن اليوم نشاهد فلسفة الرد الإسرائيلي على خطة السلام العربية بالأمس القريب الامارات وغدا البحرين وسلطنة عمان والسعودية وغيرها هذا لا يأتي من فراغ فحسب وان الايحاءات والايماءات سيدة الموقف والتي تجعنا نتيقن بأن المستقبل القادم هو تطبيع كامل بدون تحقيق الشق الأهم في الخطة الا وهو إقامة دولة فلسطينية كاملة على حدود 67 العودة قليلا الى تاريخ الحركة الصهيونية وجهابذة حكامها نجد ان خطة فلاديمير زئيف جاوبتنسكي قبل سبعة عقود خلت هو نبراسا لقادة دول إسرائيل اليوم تكلم جاوبتنسكي عن الجدار الحديد تم ذلك وخط في موسوعته الفكرية الأردن هي جزء من الفكر التوراتي ولام الانجليز عندما وافقوا على إقامة المملكة الاردنية الهاشمية فالأردن حسب جاوبتنسكي هي جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل الكبرى جاء بعده تلميذ شمعون بيرس الذي تكلم عن السلام الاقتصادي وهذا ما نشاهده ومتمثل امامنا فتحت إسرائيل والامارات الباب امامهما لتعزيز اقتصاد البلدين على حساب المشروع الفلسطيني والقضية برمتها لقد رقص حكام الامارات على دماء شهداء الشعب الفلسطيني والجرحى واهات المعتقلين هذا ليس من باب المصلحة فقط ولكن هنالك بعد اخر وهو نفسي عبر عنه حفنة من الشباب الإماراتي وهو التطلع والتوق لزيارة المدينة الوردية تل ابيت التي أقيمت اعلى انقاض قرى يافا هذا الشاب المظفر الذي يحلم بالولوج الى فلسطين التاريخية لا يحمل بالتأكيد شعار يا طيب العود إلى يافا ومائنا الضفة أصدافا يا أحلى الأيام بيافا كنا والريح تصيح نقول سنرجع يا يافا واليوم والريح تهب تصيح ونحن سنرجع يا يافا فهو يحمل شعارا انهزاميا فالزيارة الى تل ابيب عبر تسوية تطبيعية مذلة أطاحت بمنظومة كاملة من وعي الشعب العربي الحر حول قيضة العرب والمسلمين على حد سواء لكن يبقى السؤال الى أي مدى اثر هذا الاتفاق التطبيعي على معنويات الامة بشقيها العربي والاعجمي ؟ بتقديري لا تموت القضية فهي حية وتفرض نفسها وسط هذا السقوط المذل وتشق طريقها وسط الفكر العربي المتهالك نحو سلام تطبيعي وهمي اما مفهوم نظرية مشروع إسرائيل الكبرى قد سقط وحل مكانه مشروع إسرائيل العظمى اقتصاديا وهذا يعني ان لإسرائيل دور خفي وهو دور وظيفي تسربلته بإيعاز امريكي الهدف منه هو التغلغل في العالم العربي يقول شمعون بيرس ان إسرائيل تخلت عن إسرائيل التوراتية لكنها أدت واجبا تاريخيا تجاه نفسها مقابل ذلك سوف ترتفع المقاطعة عن إسرائيل وتفتح الأسواق امام البضائع الإسرائيلية وتقوم السوق الشرق أوسطية على أساس تكامل الطاقات وتقسيم العمل بين النفط والمياه التركية والخبرة والمهارة الإسرائيلية هذا من جانب علماني اما تفسير إسرائيل الكبرى التوراتي الذي يقوده اليمين الديني في إسرائيل ما زال يطرح بقوة ولا تنازل عن ذلك يبقى المنطق هو الفيصل في جسر الهوة بين اليمن والعلمانية