السلطة والنزاهة ؟! – د.إيمي البيتاوي

0 772

العالم الآن – النزاهة هي مفهوم معقد لارتباطه بالمعايير الاخلاقية التقليدية -خاصة تلك الاخلاقيات المرتبطة بقول الحقيقة والصدق والانصاف والعدالة- ومرتبطة بالمثل الشخصية العليا التي قد تتعارض مع هذه المعايير.
وفقا لقاموس Oxford فإن “النزاهة” تعني ” سلامة المبدأ الاخلاقي من حيث فضيلة الشخصية غير المنفصلة، ولا سيما فيما يتعلق بالحقيقة والانصاف، والاستقامة، والصدق، والاخلاص.” ووفقا لقاموس التراث الامريكي ان ” النزاهة” هي ” الصدق الاستقلالية والشخصية الصارمة.” و يُعرف قاموس Webster الجديد “النزاهة” على أنها” التزام لا هوادة فيه بقواعد القيم الاخلاقية أو العلمية او الفنية او غيرها او الاخلاص التام او الصدق او الصراحة وتجنب الخداع او النفعية أو التعصب أو الضحالة من أي نوع”.
عندما نتحدث عن النزاهة في السلطة نجد أن السلطة لا نزاهة فيها، فالسلطة عكس النزاهة !! السلطة دائما خطيرة، فهي تجذب الاسؤ، وتفسد الافضل ، السلطة تُمنح لؤلئك المستعدين للانحناء لالتقاطها وللانحطاط من أجل الحصول عليها!! حتى اذا تم منحها للآخرين، الانحدار طريقها وليس الصعود. ومقولة فلان وصل للسلطة سواء في ادارة حكومية او علمية فهذا يدل على الانحدار وليس الارتفاع في المنصب وخصوصا لمن لا يتخلون بأي سمة من سمات الاخلاقيات والنزاهة، بل هي بداية الانهيار ومشوار التنازلات والانحناءات والتخلي عن المباديء من أجل ارضاء ليس فقط الاخرين بل ارضاء النفس الانسانية عند تسلمها للسلطة حيث تميل الى المحاباه بين الافراد والشللية والتفرقة والعنصرية والابتعاد عن الحق والسير في طريق الظلم “فالظلم ظلمات”. صاحب السلطة يعيش في ظلمات لان غشاوة القُدرة والتسلط على الاخرين بسبب هذا المركز او سلطته تعمي بصره وبصيرته عن ان ترى الحقيقة وتخرس ضميره وتميته طالما هناك مصلحة خاصة. قله قليلة من الافراد الذين يبقوا في السلطة ويبقى ضميرهم حي ويعملوا من أجل المصلحة العامة والخير العام.

على سبيل المثال نزاهة الساسي فإننا نعني انه يفي بوعود حملته الانتخابية، لا يكذب على ناخبيه، فهو عادل للخصوم، ولن يشارك في الصفقات المشبوهة، او يأخذ الرشوة، أو يتستر على أحد او يقوم بالخداع من اي نوع.
بالمقابل رئيس في منشأة اكاديمية فاسد يستخدم كل الخدع والحيل للاطاحة بزميل لمجرد انه أفضل منه علمًا وانه صاحب مبدأ لا يبالي الا بقول الحق في المصلحة العامة ولا يرائي ويحابي لرئيسه بل يقوم بعمله على أكمل وجه واذا كان هناك خطأ يحاول تصويبه بكل شفافية ومهنية، لكن المجتمعات العربية لا تحب هذه الشخصيات في العمل بل تحب من يختم على كل شيء دون سؤال طالما جاءت من السلطة العليا، فلا يجب ان يكون مسائلة من الموظفين لرؤسائهم حتى التطوير في العمل مرفوض واذا تم التطوير بعد ان يكلف الموظف وكان التطوير مبهر والموظف سيتم الاعتراف بعمله هذا يقوم صاحب السلطة باسقاطه وايجاد اسباب تافه لافساد عمله وجهده بدل مكافئته.
هكذا هو الفاسد في البيئات الفاسدة على مدى قرون كل بلد له اسبابه ونحن العرب لدينا اسباب كثيرة منها الاستعمار الفكري والاستعمار السياسي والابتعاد عن الدين او بالاحرى استخدام الدين كغطاء يختبئوا وراءه ليقوموا بافعالهم المشينة للاعتداء على بعضهم البعض لا عجب من ان الاخ يعادي اخاه وابن البلد يخون بلده وصاحب السلطة في بلده يتسلط على الاخرين بسلطته.
اعتقدت ان هذه المحنة التي يمر بها الكون والمجتمعات سترجعنا الى الله وتقربنا منه أكثر وتجعلنا اكثر نزاهة وعلى خلق لكن للاسف ابعدتنا عنه الاف الاميال فالقرب من الله ليس فقط بالصلاة والتعبد والقلب يملئه الحقد والكره والحسد والضغينة والمصيبة ان هؤلاء كاليهود يعتقدون انهم قريبون من الله لان على رؤسهم حجاب وفي بيوتهم مصاحف ولكن للاسف ليس في اخلاقهم ايات !!!
حتى السلطة بعظم فسادها خجلت من افعالهم والنزاهة ومحاسن الاخلاق برئة منهم.
د. ايمي بيتاوي

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد