“دواب موسى لا تصلح إلا للركوب” نظرة شعب الله المختار للمطبعين.. جذور توارتية وآفاق عبودية_ بقلم الإعلامي خالد فقيه
لم تكن تصريحات زعيم حزب “شاس”، الحاخام أرييه درعي، وهو وزير الداخليه في حكومة بنيامين نتنياهو التي عقدت إتفاقات تطبيع مع دول عربية وتسعى لنوسيع الدائرة التطبيعية نحو دول وكيانات عربية وإسلامية أخرى بدعم من البيت الأبيض، وليدة صدفة، أو إنفعالية خلال مقابلته مع موقع “هيدابروت” العبري، إذ قال في وصف نظامي التطبيع الإماراتي والبحريني “يجب أن يزور حكام العرب بلادنا لخدمة اليهود، ولا يجدر بنا أن نستقبلهم كشركاءنا”. بل تنبع من معتقدات وإرث يحمله هو وغيره من القادة الصهاينة وحتى المواطنين بالاستناد إلى نصوص توارتية وتعاليم تلمودية.
فدرعي قال في وصفه للمطبعين كذلك: “إن الحكام العرب في التوراة هم مثل حمار موسى الذي يجب أن يركب ويصل إلى وجهته. ويجب تقديم علف عالي الجودة وسروج باهظة الثمن لركوب هذه الحيوانات”.
وبالنظر إلى رأي واحد من المراجع الدينية والسياسية التي تعكس وجهة نظر وتصور الكثيرين في المجتمع الصهيوني وقطاعات واسعة منه تجاه المهرولين من العرب للتطبيع مع كيانه وتقديم عهود ومواثيق الطاعة على حساب فلسطين وقضيتها ومنها ضرب الموثوقية التاريخية بأحقية الشعب الفلسطيني بأرضه وعلاقته بها ووصف الفلسطينيين بالشتات وأنهم يشكلون عبئاً على العرب والصهاينة، يمكن القول بأن هؤلاء المتصهينين العرب الذي فاقوا في ولائهم المحافظين في الغرب لا يقرأون التاريخ ولا حتى توراة راكبيهم كدواب بحسب وصف أدرعي، فالتوراة ذاتها تقر بوجود الفلسطينيين على أرضهم ما قبل اليهودية كدين منذ ما قبل النبي إبراهيم الذي حمل إتفاق التطبيع إسمه، فالتوارة تؤكد بأن إبراهيم قدم إلى فلسطين من أرض العراق كما جاء في الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين في الآيات1،2،3 “وقال الرب لأبرام إذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم إسمك وتكون بركة وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعن وتتبارك فيك جميع القبائل” وبعد مكوثه في فلسطين والعمل فيها راعياً قبل أن يتركها إلى مصر والتي عاد منها مرة أخرى إلى فلسطين حيث نزل عند الملك الفلسطيني أبيمالك الذي أعجب بزوجته إبنة التسعين ليقدمها للملك كما جاء في الإصحاح العشرين الأية 2: “وقال إبراهيم عن سارة إمرأته هي أختي فأرسل ابيمالك ملك جرار وأخذ سارة”، وهذا يؤكد وجود الفلسطينيين حتى ما قبل اليهودية في فلسطين.
قطيع التطبيع العربي الذي بدأ بالتنصل من أصوله لدرجة لي أعناق النصوص الدينية لتطويعها بما يخدم توجهاته وسبق ذلك في إعادة صياغة مرسلاته الإعلامية وفقاً لكي الوعي الجمعي للشعوب العربية وصولاً ربما لمرحلة تحرم فيها تلاوة آيات قرآنية بحد ذاتها أو تذكر أحاديث نبوية وقصص أخرى، هذا القطيع لم يطلع ولا يريد على نصوص التوراة المليئة بالكراهية للأغيار والتحريض على إستغلالهم وقتلهم.
فوصايا الإبادة الجماعية للكنعانيين الأوائل كثيرة في نصوص التوراة المعمول بها اليوم لدى الصهاينة فموسى عندهم يمهد لمن بعده بوصاياه فيقول في إحدى تسبيحاته في الآيات من 13إلى 19 في الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج “ترشد الشعب الذي فديته، تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك. يسمع الشعوب فيرتعدون. تأخذ الرعدة سكان فلسطين-إقرار توراتي بوجود فلسطين وشعبها-حينئذ يندهش أمراء أدوم. أقوياء موآب تأخذهم الرعدة. يذوب جميع سكان كنعان- إقرار أخر بوجود الكنعانيين- تقع عليهم الهيبة والرعب. بعظمة ذراعك يصمتون كالحجر”.
وفي موقع أخر إستند إليه درعي اليوم ويعد ضربة إستباقية للمهرولين للتطبيع يقول الرب في توراتهم في الآيات 10إلى 15 من الإصحاح العشريم من سفر التثنية: ” حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح. فإن أجابتك للصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصره. وإذا دفعها الرب الهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك. وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب الهك هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا”.
وكان شمعون بيرس في كتابه الشرق الأوسط الجديد الذي نظر منذ زمن للتطبيع العربي إنطلق من هذا التنظير الإيدولوجي التوراتي حين نادى بسيطرة إسرائيل على مقدرات العرب لإنتاج حضارة على جديدة في المنطقة على ظهور الغويم أو الأغيار وبسيادة الشعب المختار تواراتياً ولكن المهرولين نحو التطبيع الذي يسري في دمائهم لا يدركون أن إفقارهم وتجريدهم من كرامتهم وإستعبادهم ليس إلا مسألة وقت..