ذكورية ” كورونا ” الاردنيات والفضاء العام.- أيمن الخطيب
العالم الان – حاله كحال باقي الدول العربية التي تنطلق من ثنائية الدين والأبوة ،
كان الاردن ومنذ تشكيل زمانه الوطني/ تراثه وتقاليده/
يبروز المرأة في صورة نمطية اجتماعية واحدة في إطار تاريخي – الذي يراد له ذلك – إطار حصر المرأة في المجال الاجتماعي الخاص مقابل ترك الفضاء والمجال الاجتماعي العام ملعباً للرجال.
وقد ساعد بذلك أدوات تشكيل الذات الوطنية وفي مقدمتها المؤسسة القانونية التي صاغت قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات على قاعدتين تراثية دينية ذكورية وكولينالية استعمارية حداثية.
قدمت الحركة النسائية الأردنية نضالاً حقيقياً لانتزاع حقوقها السياسية والمدنية كان ذلك أول مرة في عام 1974 حين سمح لها بحق الاقتراع فقط للبرلمان دون الترشح وقد تراكم هذا النضال مستغلا عمليات تحديث الدولة الأردنية في مطلع الثمانينات حين حققت المرأة انجازات واسعة في نيل حقوقها واستطاعت دخول الفضاء العام السياسي والاجتماعي جنبا بجنب الى الرجل سواء أكان ذلك في دخولها للبرلمان أو الدخول الى سوق العمل.
ومع ذلك بقية المرأة حبيسة المزاج الأبوي السلطوي الذي يهيمن على ثقافة الدولة وسلوكها ومصالحها.
النساء والفضاء العام ،
تشكل المرأة ما نسبته 21% من القوى العاملة في الشرق الأوسط وتساهم بما نسبته 18% من الناتج الإجمالي المحلي ،
لكنها أيضا تساهم في باقي نسبة الناتج المحلي عن طريق دورها المزدوج التي تقوم به فهي عدا عن كونها امرأة عاملة هي أيضا تقوم بتنشئة وتربية الرجال الذين يساهمون في ما تبقى من الناتج الاجمالي المحلي للدولة.
هذا السند للدور الاجتماعي الفاعل المهم للمرأة لا يتوافق معه قرارات الدولة واجراءاتها التي تسعى لازاحة المرأة بشتى الطرق من الفضاء العام وإعادتها للمجال الخاص “المنزلي ” .
في زمن كورونا و – ذكورية الجائحة – قد لا تغدو المشكلة اليوم فقط في اغلاق دور الحضانة وما يترتب عليها من مخاطر تهدد وظائف النساء العاملات وتهيئة المناخ لمغادرتهنّ أعمالهنّ وابتزازهنّ بالمساومة على صحة أطفالهنّ ؛
بل هي مشكلة أشمل بكثير من ذلك تتمثل في شكل الدولة الجديد وفي خطابه الذكوري السميك سواء عن طريق عسكرة المجتمع والدولة أو عن طريق تعيين أفراد في مناصب حكومية تنصاب العداء للمرأة في شكلها الطبيعي وترى فيها صورة مشهدة تراثية – سيدة بيت – أو حتى عن طريق اجتراح قرارات تحجيم دور المرأة العام.
إن السياسة العامة التي تقوم على أساس الجندر
وتتمايز على إثره هي مجرد سياسة بائسة سيكون لها آثاراً وخيمة على البنى التحتية الاجتماعية ،
إن السياسة العامة التي تقصي أو تحاول اقصاء المرأة من الفضاء العام هي بذلك تمهد لإطلاق حاضنة طبيعية للجريمة الممنهجة والعنف الأسري والطبقية والفقر والبطالة وتنسف بوضوح مبدأ العدالة الاجتماعية.
…
أيمن الخطيب.