لبنان يحتفي ببلوغ فيروز 85 سنة
العالم الان – فيروز التي بلغت الخامسة والثمانين يوم أمس، لا ينسى اللبنانيون ميلادها، أبداً، لأنه يأتي عشية عيدي العلم والاستقلال. وهي رغم تواريها المستمر منذ سنوات، تبدو وكأنّها حاضرة عند المفترقات الصعبة. فقد بقيت خلال الأشهر المنصرمة نجمة الشاشات، وقبلة الأنظار، ليس فقط عبر أغنياتها التي رافقت اللبنانيين في انتفاضتهم التي دامت أشهراً منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. ففي أبريل (نيسان) من العام الحالي، ومع بدء أزمة كورونا وقد أخذ الخوف من الوباء يدب في الأوصال، أطلت فيروز على محبيها في تسجيل على «يوتيوب»، وهي تصلي في منزلها، وتبتهل إلى الله طالبة خلاص العالم.
ولم تتردد أغنية بعد الانفجار التراجيدي للمرفأ ومحيطه في الرابع من أغسطس (آب) الفائت، قدر ما أعيدت وكررت أغنية «من قلبي سلام لبيروت» بصوت فيروز، التي وضع كلماتها الشاعر الراحل جوزيف حرب واقتبس زياد الرحباني لحنها من أغنية للإسباني يواخين رودريغو. وهي أغنية يسمعها اللبنانيون، منذ أطلقت في مطالع الثمانيات، في عز الحرب الأهلية، لكنّها هذه المرة، اكتسبت بعداً آخر، وهي ترافق مشاهد دمار العاصمة المفجع.
ومع تصاعد المحن، وتوالي الانهيارات، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لها، مناسبة غير متوقعة، ليراها عشاقها الذين قلقوا على صحتها لكثرة الشائعات التي أثيرت حولها، ويطمئنوا ولو من خلال صور قليلة، لم يتسرب غيرها، بدت فيهما عفية، باسمة، بسيطة، تماماً كما يعرفها جمهورها. ولشح المعلومات، انكبّ المحبون على قراءة ما ظهر في الصور، وتخمين ما دار من حوار، ومحاولة فهم ما حصل في الكواليس. لكن على الأرجح تفاصيل ذاك الخاص، ستبقى طي الكتمان. ولن يرى أحد شريطاً مصوراً في أي وقت مقبل، حسب ريما الرحباني ابنة فيروز، لأنّها أدارت زر الكاميرا، لتسجل تلك اللحظات التاريخية وذهبت لاستقبال ماكرون عند وصوله، وبعد انتهاء الزيارة اكتشفت أنّ شيئاً لم يُسجّل.
لم يكن عام فيروز التي تلازم تلفازها، ولا تزال مدمنة على متابعة الأخبار، أفضل من حال بلدها. فالجميع في مركب واحد. وهي إذ تواكب مواطنيها الذين رفضت أن تتركهم في سلم أو في حرب، وبقيت معهم ترافقهم بأغنياتها وصلواتها، تستقبل عدداً قليلاً من أصدقائها الخلّص الذين تضاءل عددهم إلى حد كبير، وجاءت مخاوف «كورونا» لتجعل اللقاءات أصعب وأكثر شحّاً.
وبمناسبة عيدها الخامس والثمانين، أعادت ابنة فيروز ريما على حسابها على «فيسبوك»، نشر أغنية مصورة لوالدتها، لمعاني كلماتها دلالاتها، إذ تقول فيها: «أنا وصغيرة حلمت كثير، بكرا بس أكبر شو بدي صير. وسالت إمّي شو يلي ناطرني، ضحكت وقالتلي يلي بدو يصير يصير». وارفقت الأغنية بإهداء إلى والدتها: «مني ومن زياد وليال وهلي، وأبي لأمي ووطني كل الحب….. يخليلنا قلبِك. والبدو يصير يصير».
واحتفالاً بهذه المناسبة طلبت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد من وسائل الإعلام الرسمية، أي تلفزيون لبنان والإذاعة اللبنانية، تخصيص مساحة في يوم عيد ميلاد فيروز، لعرض أعمالها المسرحية والغنائية والسينمائية ومقابلاتها، وذلك «بمثابة لفتة تكريمية للسيدة التي رفعت اسم لبنان عالياً بأعمالها، ووضعته على الخارطة الفنية العالمية».
وبمبادرة من جمعية جاد، سيطلق اسم فيروز بقرار من بلديّة بلدات بلاط وقرطبون ومستيتا في قضاء جبيل، على جادة رئيسية ستحمل اسمها. فيما ستحمل أسماء الشوارع المتفرعة من هذه الجادة، أسماء لشخصيات عرفت فيها فيروز في مسرحياتها وأفلامها. ويحرص أصحاب المشروع على أن يعطى لهذه المنطقة طابعاً يتناسب وشخصية فيروز، ومكانتها، إن لجهة غرس أنواع معينة من الأشجار والزهور، أو لجهة إعطاء طابع للمكان يشبه صورتها ومزاجها.
وهذه اللفتة التي نسقت مع جهات رسمية، هي الأولى من نوعها في لبنان، فقد حملت الجادات عادة، أسماء شخصيات سياسية، أو شهداء، وزعماء، وأحياناً أدباء أيضاً، وإن كان بنسبة أقل، لكن كبار الفنانين لم يكن لهم هذا الحظ.
ومطلع السنة المقبلة، سيعلن عن تفاصيل المشروع، الذي يرجى أن يكون فاتحة لتذكر الفنانين وتخليد ذكراهم بمبادرات رسمية. إذ درجت العادة أن تكون تلك لفتات شعبية بحيث يعكف فنانون تشكيليون على وضع رسومهم على لوحات أو على الجدران، وثمة رسم غرافيتي لفيروز في بيروت وآخر لصباح، وغيره للأديبة إميلي نصر الله.
واحتفاء بفيروز هذه السنة نبش أحبتها صورة لها في عرسها تظهر فيها مع عاصي الرحباني، وقالوا إنّها تُنشر للمرة الأولى. والواقع أنّ الصورة سبق نشرها، لكن يبدو أنّ المطلعين عليها قلة.