ترمب يعدّ لحدث «يسرق الأضواء» يوم تنصيب بايدن
العالم الان – في حين يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمغادرة منصبه، كشف موقع «أكسيوس»، أنه يفكر في مغادرة البيت الأبيض بطريقة دراماتيكية، تتضمن قيامه برحلة أخيرة على متن الطائرة الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) إلى فلوريدا، حيث سيحضر مهرجاناً معارضاً في الوقت نفسه الذي تجري فيه احتفالات تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن. لكن الأمر لا يقتصر على مجرد استعراض سياسي، إذ نقلت وكالة «أسوشييتد برس» أيضاً عن مسؤولين جمهوريين أن مشاريع ترمب، سواء للعب دور سياسي أو الترشح مرة أخرى في انتخابات عام 2024، أدت إلى تجميد خطط عدد من الجمهوريين للترشح في الانتخابات المقبلة.
وإذا تأكدت خطط ترمب، فسيؤدي سلوكه هذا إلى إظهار صورة منقسمة بشكل كبير على شاشات التلفزيون الأميركية، حيث سيخاطب حشداً كبيراً في باحة المطار، بينما يؤدي رئيس قادم اليمين الدستورية أمام جمهور خارج مبنى الكابيتول. ترمب الذي سيستغل إعلان بايدن عدم أدائه القسم أمام تجمع جماهيري بسبب جائحة كورونا، سيسعى إلى حشد الآلاف من أنصاره، لإظهار نفسه زعيماً شعبياً، في مشهد لم تشهده الولايات المتحدة من قبل.
ويرى بعضهم أن سلوكه الشعبوي هذا يخلق انطباعاً بأنه يسعى لسرقة الأضواء من حفل التنصيب، وخلق استقطاب سياسي حاد، ومركزين سياسيين للقرار، الأمر الذي لا يمكن التكهن بتداعياته.
ونقلت محطة «إن بي سي نيوز» عن مصادر مطلعة أن ترمب لن يحضر مراسم تنصيب بايدن، وسيعلن ترشحه لانتخابات 2024 رسمياً لـ«استعادة البيت الأبيض»، وهو ما سيؤدي إلى 4 سنوات من لعبه دور المعارض الرئيسي لبايدن.
وهذا ما يفسر إصرار ترمب على عدم الاعتراف بخسارته، وامتناعه رسمياً عن قبول الهزيمة، خصوصاً أن الدستور الأميركي لا يجبره على ذلك. وبمواصلته القول إنه لم يخسر السباق، يحاول قطع الطريق على أي مرشح جمهوري يسعى إلى الترشح. وقال تقرير «أسوشييتد برس» إن المرشحين الذين خسر حزبهم الانتخابات يبدأون عادة بالاستعداد لخوض السباق الجديد بشكل مبكر. لكن هذا الأمر لم يحصل حتى الآن بعد انتخابات 2020، حيث تنتظر الشخصيات التي تسعى لنيل ترشيح الحزب الجمهوري معرفة خطط ترمب، قبل مباشرتهم الاتصال بمقدمي التبرعات، وبناء علاقاتهم، والتحضير لزيارة الولايات التي تصوت بشكل مبكر، بصفتها جزءاً من عمليات التخطيط لبدء حملات الانتخاب. ويظهر هذا التريث خشية الجمهوريين من السيطرة التي يظهرها ترمب على قاعدة الحزب وجماهيره، ويحاذرون إغضابه.
ولا يزال ترمب يسيطر حتى الساعة على التبرعات والتغطية الإعلامية التي يحتاج إليها الجمهوريون، خصوصاً في انتخابات الإعادة لمقعدي مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا، وقيامه بمهرجانات انتخابية لدعم مرشحي الحزب الجمهوري. وساعدت استراتيجيته على البقاء في دائرة الضوء، وجمع الأموال لحملته، في جمع أكثر من 200 مليون دولار منذ يوم الانتخابات في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وذهب جزء كبير من هذه الأموال إلى لجنته السياسية الجديدة، بعد تأسيسه لما سماه «صندوق الدفاع عن الانتخابات».
ونقلت الوكالة عن دان إيبرهارت، أحد مانحي الحزب الجمهوري، قوله: «تتمثل أجندته في استخدام عمليات إعادة الفرز والدعاوى القضائية لجمع الأموال، والحصول عليها لتجميد أي استعدادات أخرى عند الجمهوريين للترشح لانتخابات 2024».
ونقلت الوكالة عن أليكس كونانت الذي شغل منصب مدير الاتصالات في حملة المرشح الجمهوري السابق السيناتور ماركو روبيو في انتخابات عام 2016، قوله إن ترمب أوقف بدء حملات الجمهوريين. وأضاف أنه في الأحوال العادية، كان من المفترض قيام المرشحين المفترضين بزيارة ولايتي أيوا ونيوهامشر خلال هذا الشهر، لكن هذا لن يحدث لأن أحداً لا يريد أن ينظر إليه على أنه يتحدى ترمب.
ومع إعلان ترمب يوم السبت، خلال مهرجانه في جورجيا، أنه «لا يريد الانتظار حتى عام 2024»، وقوله إنه يحاول البقاء 4 سنوات أخرى، لكن «إذا لم يحدث ذلك، فسأراكم بعد 4 سنوات»، فرض إشكالية على كثير من المسؤولين الحاليين والسابقين، وزعماء الكونغرس الجمهوريين، الذين ينظر إليهم على أنهم مرشحون محتملون في سباق 2024. ومن بين هؤلاء نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، وأعضاء مجلس الشيوخ، كالسيناتور تيد كروز وماركو روبيو وريك سكوت وجوش هاولي وتوم كوتون.
وتنقل «أسوشييتد برس» عن بريندان باك، الخبير الاستراتيجي الجمهوري، قوله: «إنهم جميعاً يحتاجون إلى مواكبة الأمر لأنهم يعرفون أنهم عندما يفكرون في الترشح، فإن أسوأ شيء هو أن تكون ضد ترمب». ويعتقد باك أن من مصلحتهم الإشارة إلى هزيمة ترمب في انتخابات هذا العام، لكنهم لا يقولون ذلك، ويتعثرون لدى محاولتهم إنكار هذه الحقيقة.
وفي المقابل، يعتقد بعض الجمهوريين أن سلوك ترمب جيد لأنه يجنب الحزب الجمهوري الصراع الداخلي بين المرشحين. لكن آخرين يعبرون عن مخاوفهم من أن يؤدي ذلك إلى شلل الحزب الخاسر عادة في الانتخابات من القيام بمراجعة ذاتية للأسباب التي أدت إلى خسارته، وتجديد قياداته، وتعيين مكامن الخلل.
وتسري تكهنات في واشنطن بأنه في حال لم يتمكن ترمب من الاحتفاظ بسيطرته على الحزب الجمهوري، فإنه لن يتوانى عن تشكيل حزب جديد أو بديل، في تكرار لسوابق شهدها الحزب في السنوات الأخيرة، رغم أنها لم تصل إلى حد الانشقاق عنه. لكن مع خطاب ترمب المتشدد، وشعاراته الشعبوية، وتحريضه على الطبقة السياسية، وحصوله على ثاني أكبر تصويت شعبي بعد بايدن في تاريخ الانتخابات الرئاسية، لا يستبعد المراقبون هذه الفرضية: إما تغيير طبيعة الحزب الجمهوري وقناعاته وقياداته، بما يتناسب مع رؤية ترمب، أو تأسيسه لحزب ثالث جديد.