ترمب سيظل يستأثر بالأضواء رغم الملاحقات القضائية المتوقعة
العالم الان – بعد تصويت المجمع الانتخابي رسمياً بفوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2020 سيضطر الرئيس دونالد ترمب لترك منصبه ومغادرة البيت الأبيض وتسليم السلطة إلى منافسه، خاصة بعد أن فشلت كل جهوده لقلب نتيجة الانتخابات والادعاء بالتزوير دون تقديم أدلة. لكن ذلك لا يعني نهاية المعركة، بل إسدال الستار على فصل واحد من فصول المسرح السياسي الذي يجيد الرئيس ترمب الاستئثار بالأضواء فيه. فكيف سيكون مستقبل ترمب الذي سيعود مواطنا أميركيا عاديا بعد العشرين من الشهر المقبل المقبل؟
حتى الآن ما زال ترمب ينكر الواقع ويرفض الاعتراف بهزيمته ويستمر في الترويج لنظريات المؤامرة ووقوع تزوير واسع النطاق لأصوات الناخبين، ولم يعلن صراحة ما إذا كان سيحضر حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل أم لا، وإذا أقدم على عدم المشاركة فإنه بذلك سيضرب عرض الحائط بكل الأعراف والتقاليد الأميركية لتسليم السلطة سلميا، وستكون هذه الخطوة بمثابة إعلان قوي بإنكار النتيجة ومواصلة حشد أنصاره على رفض شرعية إدارة بايدن ومواصلة وصمها بالمجيء إلى السلطة بالتزوير.
ومع ا لأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن التنبؤ بما سيقوم به ترمب كشخصية نرجسية عصية على التكهن بتصرفاتها، فإن المؤكد أنه لن يختفي من المشهد السياسي ولن يتقاعد مثل بقية الرؤساء الأميركيين أو ينشر كتابا عن الأربع سنوات التي قضاها في البيت الأبيض. التسريبات تشير إلى أنه ربما يرشح نفسه مرة أخرى لانتخابات عام 2024، وهو ما قد يعرقل طموحات عدد من الجمهوريين الذين يفكرون في الترشح لتلك الانتخابات بما في ذلك أسماء مرشحة بقوة مثل السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي والسيناتور ماركو روبيو والسيناتور توم كوتون وأسماء أخرى قد تتخوف من مواجهة ترمب وقدرته على مهاجمة من يقف أمامه، ونفوذه لدى مناصريه وقدرته على تحريك أنصاره ومؤيديه كما يشاء.
وقد شكل ترمب بالفعل لجنة عمل سياسي قام فيها بجمع التبرعات بصورة واسعة وهو سيمارس بلا شك نفوذه على توجهات وتخطيطات الحزب الجمهوري حينما يترك منصبه سواء رشح نفسه للانتخابات في 2024 أو تراجع عن هذه الخطوة، التكهنات أيضا تشير إلى أنه ربما يثير الصراخ والصخب من خلال إنشاء قناته التلفزيونية التي يروج فيها لأفكاره وسياساته ويستخدمها لمهاجمة منافسيه وخصومه السياسيين ويظل مسيطرا على الأضواء. كما أنه قد يستغل نفوذه في توسيع أعماله التجارية وإدارة إمبراطوريته العقارية التي تواجه تحديات مالية كبيرة بما في ذلك تضرر علامته التجارية وممتلكاته في مجال العقارات والسفر والترفيه من تداعيات وباء فيروس «كورونا». وقدرت مجلة «فوربس» الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي أن صافي ثروة ترمب قد انخفض بنحو 600 مليون دولار لتصبح 2.5 مليار دولار فقط وهناك ديون تبلغ 421 مليون دولار على شركاته.
لكن هناك أيضا ملاحقات قانونية سيتعين على ترمب التعامل معها وهي تشكل تهديدا كبيرا لأنه سيفقد الحماية القانونية التي يمنحها الدستور لمن يشغل منصب الرئيس. وأبرز هذه الملاحقات تلك المتعلقة باتهامات التهرب الضريبي وفق ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» حول قيامه بدفع 700 دولار فقط كضرائب عن عام 2016 مما يشير إلى اتهامات بالتهرب الضريبي وارتكاب عمليات احتيال مصرفي وتزوير سجلات تجارية.
وقد يواجه ترمب محاكمة جنائية قد تدفع بها وزارة العدل الأميركية، وتوجه إليه تهم التهرب الفيدرالي من دفع ضريبة الدخل. وبالطبع ستكون أي محاكمة فيدرالية لترمب مثارا لكثير من الجدل وربما يتمكن من جذب التعاطف معه والترويج أن إدارة بايدن تلاحقه كنوع من الانتقام ويصور نفسه كبطل وضحية، لذا كان الرئيس المنتخب جو بايدن حذرا عند سؤاله عن الملاحقات القانونية لترمب بعد خروجه من البيت الأبيض، وقال إنه سيترك الأمر لوزارة العدل ولن يتدخل في عمل الوزارة.
ودافع ترمب مرارا عن نفسه، مشيرا إلى أنه قام بدفع الملايين من الأموال كضرائب لكنه لم يكشف عن سجله الضريبي أو يعلن تفاصيل لينفي بها تهربه من دفع الضرائب، بل هاجم القضية واعتبرها نوعا من المضايقات ذات الدوافع السياسية. يواجه أيضا ترمب دعوى تتعلق باعتداءات جنسية من قبل بعض السيدات، كما رفعت ماري ترمب، ابنة أخته، دعوى قضائية تتهمه فيها بالاحتيال والتآمر لحرمانها من نصيبها في إمبراطورية العائلة العقارية.