اللقاحات تقي من الفيروس… ولا تقضي عليه

0 220

العالم الان – بعد إشارة الانطلاق المبكرة التي أعطتها الحكومة البريطانية، وأعقبتها الولايات المتحدة ثم كندا، للمباشرة بحملة التلقيح ضد فيروس «كورونا» المستجدّ، رضخت «وكالة الأدوية الأوروبية» لضغوط الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها ألمانيا التي موّلت لقاح «فايزر» الذي طُور في أحد مختبراتها، وقرّرت بتّ الموافقة على هذا اللقاح الاثنين المقبل، أي قبل 8 أيام من الموعد الذي كانت قد حددته في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وكانت الحكومة الألمانية بدورها تتعرّض لضغوط متزايدة على الصعيد الداخلي للمباشرة بحملة التلقيح بعد أن فشلت تدابير الإقفال الجزئي الأخيرة في وقف انتشار الوباء وارتفاع أعداد الإصابات الجديدة والوفيات إلى مستويات قياسية لم تشهدها خلال الموجة الأولى.

لكن الاختصاصي في اللقاحات وعضو «اللجنة الأوروبية للأدوية المخصصة للاستخدام البشري»، فرناندو موراغا، نفى في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن يكون قرار الوكالة نتيجة الضغوط التي تعرّضت لها لتقديم موعد النظر في طلب الموافقة على لقاح «فايزر»، وقال إن القرار اتُخذ بعد أن حصلت الوكالة على المعلومات والبيانات الإضافية التي كانت قد طلبتها من الشركة المنتجة. وذكّر موراغا بأن الوكالة كانت أشارت في بيان سابق إلى موعد 29 من هذا الشهر «على أبعد تعديل» للنظر في طلب الموافقة على اللقاح.

من جهتها، أفادت مصادر المفوضية الأوروبية بأن الموافقة النهائية للمباشرة بتوزيع اللقاح يمكن أن تأتي قبل نهاية الأسبوع المقبل إذا أعطت «وكالة الأدوية» الضوء الأخضر الاثنين. لكن الخبراء ينبّهون إلى أن تقديم موعد المباشرة بحملة التلقيح أسبوعاً واحداً أو اثنين، لن يكون له تأثير يذكر على المواطنين، خصوصاً أن اللقاحات ستوزّع بأعداد محدودة جداً خلال الفترة الأولى. ويقول رافاييل سانجوان، الباحث الفيروسي وعضو «مجلس تحالف اللقاحات العالمي»: «المهم في حالة لقاح (فايزر) ليس موعد المباشرة بالتطعيم، بل أن تكون الشروط التقنّية متوفرة لتوزيع مثل هذا اللقاح الذي يقتضي تجهيزات ومستلزمات متطورة».

وكان مصدر مسؤول من «فايزر» أعلن صباح أمس (الأربعاء) أن الدفعات الأولى من اللقاحات يمكن أن يبدأ توزيعها (من مصنعها الأوروبي في بلجيكا) بعد ساعات من صدور الموافقة النهائية عن المفوضية الأوروبية.

يذكر أن قادة الاتحاد الأوروبي كانوا قد اتفقوا خلال القمة الأخيرة التي عقدت الجمعة الماضي على بذل كل الجهود الممكنة للتنسيق من أجل تزامن إطلاق حملات التلقيح في جميع الدول الأعضاء. وقال مصدر أوروبي مطّلع إن المفوضية تدرس تنظيم «أسبوع لقاحات أوروبي» للمباشرة بتوزيع اللقاحات بشكل متزامن في البلدان الأعضاء. وينصّ العقد الموقّع بين المفوضية الأوروبية وشركة «فايزر» على تسليم 300 مليون جرعة من أصل ملياري جرعة تعاقد الاتحاد الأوروبي على شرائها مع 5 شركات. ويتوقّع الخبراء، استناداً إلى القدرة الإنتاجية للشركة وللكميات التي تسلمتها حتى الآن بريطانيا والولايات المتحدة، ألا يزيد عدد الجرعات التي سيتسلمها الاتحاد الأوروبي عن مليونين أو 3 بحلول نهاية الشهر المقبل.

وفي تصريحات لنائب رئيسة المفوضية المسؤول عن الصحة والأمن والهجرة، مارغاريتيس سكيناس، أكّد أن أجهزة المفوضية ستعمل بسرعة «تفوق سرعة الصوت لتنجز في يومين ما يستدعي عادة شهرين للموافقة على المباشرة بتوزيع اللقاحات التي ستكون هدية الميلاد لجميع الأوروبيين». وتوقّع سكيناس أن يبدأ معظم دول الاتحاد توزيع الجرعات الأولى من اللقاح قبل نهاية السنة الحالية، وقال: «إذا سارت الأمور على ما يرام، فلن يخسر الأوروبيون الصيف المقبل».

وكان سكيناس يدلي بهذه التصريحات خلال تقديمه حزمة الإجراءات التشريعية التي أقرها الاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة السيبرانية التي تتعرّض لها مؤسساته وحكومات الدول الأعضاء، مؤكداً تعرّض «الوكالة الأوروبية للأدوية» لمئات عمليات القرصنة في الأشهر الأخيرة، وأن المفوضيّة تملك أدلة دامغة عن الجهات الخارجية التي تقف وراءها، لكنها لن تكشف عنها أمام الرأي العام.

في غضون ذلك، رفعت الأوساط العلمية الأوروبية مستوى تحذيراتها من تداعيات الإفراط في التفاؤل بسرعة مفاعيل اللقاحات، مذكّرة بأن فاعليتها النهائية لن تتأكد قبل مضي 3 أو 4 أشهر، وأن التغلّب على الوباء لن يتحقق قبل بلوغ نسبة المناعة 70 في المائة من مجموع السكان.

وبعد الأرقام القياسية للوفيّات اليومية التي سجّلتها ألمانيا وإيطاليا مؤخراً، وخروج الوباء عن السيطرة في عدد من البلدان الأوروبية، نبّه الاختصاصيون في العلوم الفيروسية إلى ضرورة تشديد تدابير احتواء انتشار الفيروس خلال فترة عطلة الأعياد التي وصفها عالم الوبائيات الإيطالي آندريا كريزانتي بأنها «أقصى ما يتمنّاه الفيروس». ودعت أوساط علمية كثيرة إلى فرض الإقفال التام حتى منتصف الشهر المقبل وإلغاء الاحتفالات بالأعياد، منعاً لموجة وبائية ثالثة يرجّح أن تكون أشد وطأة من الموجتين الأوليين، مذكّرة بأن اللقاحات تساعد في الوقاية من الوباء ولا يمكن أن تقضي عليه وحدها.

وكان خبراء منظمة الصحة العالمية قد حذّروا مراراً خلال الأسابيع الأخيرة من عواقب موجة ثالثة تتزامن مع فصل الشتاء، مذكّرين بأن أمراضاً أخرى أشد خطورة من «كوفيد19» لا تحظى بالعناية والعلاجات الكافية منذ أشهر بسبب من الجائحة. كما نبّه المكتب الإقليمي الأوروبي للمنظمة إلى أن تدنّي الإصابات بالإنفلونزا والفيروسات الموسمية الذي تشهده البلدان الأوروبية حالياً قد يكون مردّه إلى تدابير الوقاية من «كورونا» ، لكنه ذكّر بأن هذه الفيروسات تبدأ عادة في الانتشار بين الأسبوعين الثاني والسادس من كل عام. وشدّد على أهمية عدم تعريض المستشفيات للضغط الزائد خلال الفترة المقبلة.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد