“توقعات الأبراج” كذب أم حقيقة؟.. العلم يجيب
العالم الان – مع نهاية كل عام تضج وسائل الإعلام بتوقعات الأبراج للعام الجديد، وتتباين التوقعات بين الحالة المزاجية والأمور المادية، وحتى الأوضاع الصحية، وبينما يتهافت كثيرون على متابعة تلك التوقعات، فإنها لم تسلم بالتأكيد من تشكيك البعض في مدى التزامها بمنهج علمي، إلى جانب رفض البعض الآخر لها من منظور ديني.
وترتبط توقعات الأبراج، بالتنجيم الذي يعتمد على مجموعة من التقاليد، والاعتقادات المرتبطة بالأوضاع النسبية للأجرام السماوية؛ حيث يتم استنباط تنبؤات عن الأمور الشخصية للبشر، وشؤونهم الدنيوية.
وعن ظاهرة التنجيم وما يرتبط بها من توقعات الأبراج، يقول رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والچيوفيزيقية في مصر، الدكتور أشرف تادرس، إنه يرى أن التنجيم “لا علاقة له بالعلم إطلاقا”.
وأضاف أنه “مجرد حرفة تعتمد على ثقافة المنجم وخبرته، فمع تكرار الحوادث يتكون لدى ممارسين هذه الحرفة خلفية واسعة، يستطيعون من خلالها التنبؤ بالأحداث وفقًا لمواقع النجوم.
فعلى سبيل المثال إذا تكررت أحداث سيئة عند اجتماع القمر مع زحل في مدار الجدي، يتم تسجيل الأمر لدى المنجمين نذيرا للشؤم، ومن هنا يتم إعداد جداول إحصائية للأحداث وعلاقتها بالتشكيل النجمي في السماء، وما يرتبط بذلك من توقعات متشائمة أو متفائلة.
ويوضح تادرس، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هذه الطريقة في التنبؤ لا تعتمد على منهجية علمية، وإنما هي مسألة متروكة للصدفة، فقد تحدث أو لا تحدث من الأصل، وهذا ما يتعارض بالضرورة مع العلم الذي لا يقبل بأمور تحتمل التأويل والتخمين بهذا الشكل.
وبخصوص تأثير الأجرام السماوية على الحالة المزاجية للبشر، يلفت تادرس إلى أن الشيء الواضح في هذا الأمر هو أن القمر يعتبر الجسم السماوي الوحيد الذي يحتمل أن يكون له تأثير على الإنسان، لأنه قريب جدا إلى الأرض.
وأوضح أن جاذبيته قد تؤثر على المزاج العام لدى البشر، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا الأمر “لا يزال قيد الدراسة، ولا توجد أدلة قاطعة عليه”.
ويختم رئيس قسم الفلك حديثه، بإلقاء اللائمة على وسائل الإعلام “التي تتيح المساحة للمنجمين للظهور والتأثير في الرأي العام”، مشيرا إلى أن توقعات الأبراج على صفحات الجرائد تختلف من صحيفة إلى أخرى، “مما يوضح التضارب والخلل لدى هؤلاء، خاصة وأن الأمر يصل أحيانا لأن يكتب هذه التوقعات أشخاص لا علاقة لهم بحرفة التنجيم”.
ونشأت حرفة التنجيم -التي لا يعتد بها العلماء- أول الأمر في الحضارة البابلية، ويستدل على ذلك بأول وثيقة نشرت عن التنجيم في بابل، واختلط التنجيم البابلي بالحضارة المصرية وخرج للعالم كما نعرفه اليوم.
ويعتبر الفلكي الشهير أبو ريحان البيروني أول من فرق بين حرفة التنجيم وعلم الفلك في القرن الحادي عشر، بمؤلفه المهم “التفهيم لأوائل صناعة التنجيم”؛ إذ حاول من خلاله تبسيط علم الفلك من خلال رسوم هندسية وعمليات حسابية مبسطة، وقد وثقته منظمة اليونسكو ضمن برنامج ذاكرة العالم في عام 2011، باعتباره أقدم المخطوطات الموجودة باللغة الفارسية.