كيف استغلت الصين «كورونا» للتفوق على الاقتصاد الأميركي؟

0 229

العالم الان – يعتقد «مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال» ومقره المملكة المتحدة أنه نظراً لاستجابة الصين المتفوقة لتفشي فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد – 19)، سيصبح الاقتصاد الصيني الأكبر في العالم بحلول عام 2028، أي قبل خمسة أعوام مما كان متوقَّعاً في السابق.

وكتب المركز في تقرير بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول): «لبعض الوقت، كان الموضوع الرئيسي للاقتصاد العالمي هو الصراع الاقتصادي والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين… جائحة (كوفيد – 19) والتداعيات الاقتصادية المصاحبة لها رجحت بالتأكيد كفة الصين في هذا التنافس».

ولكن الكاتب جوردون جي تشانج، الذي اشتهر بكتابه «الانهيار القادم للصين»، وهو عضور بارز بمعهد جيتستون للأبحاث والدراسات، وعضو في مجلسه الاستشاري، قال إن الصين لم تتفوق على الولايات المتحدة، وأوضح أنه في الواقع يبدو أن العكس هو الصحيح. توقعات المركز، التي تحاكي إحدى روايات بكين، هي أكثر من مجرد سابقة لأوانها، فهي قائمة على افتراضات خاطئة في الأساس، بحسب ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

واعتبر الكاتب أن اقتصاد الصين أسوأ مما يبدو عليه، كما أن لقاحاتها اللازمة للتعافي الكامل من فيروس كورونا لا تزال قيد التطوير، ومتأخرة كثيرا عن اللقاحات الأميركية.

ويعتقد «مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال» أنه سيكون هناك «انتعاش قوي بعد الجائحة في عام 2021» في الولايات المتحدة. وسيتراجع الانتعاش مع نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي بنحو 9.‏1 في المائة من 2022، وحتى 2024، ثم سينخفض النمو السنوي للولايات المتحدة إلى 6.‏1 في المائة في الأعوام التالية.

ويرى المركز أن تعافي الصين سيكون أكثر قوة، حيث ستحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 7.‏5 في المائة كل عام حتى عام 2025، وستنخفض هذه النسبة إلى 5.‏4 في المائة بين عامي 2026 و2030.

إلا أن أرقام المركز ليست خارجة عن الاتجاه السائد. فعلى سبيل المثال، يقدر صندوق النقد الدولي توسعا بنسبة2.‏8 في المائة في الاقتصاد الصيني العام

المقبل، بينما توقع البنك الدولي أن يصل النمو الصيني إلى 9.‏7 في المائة في 2021.

ومع ذلك، تبدو هذه الأرقام متفائلة بدرجة كبيرة، حيث تساعد الحوافز الحكومية على تعزيز النمو الحالي وكذلك صافي الصادرات. ومع ذلك فإن «فيضان التخلف عن السداد» الحالي في الصين يشير إلى ضعف واسع النطاق. وبالتالي، فإن الزيادة الكبيرة في الإنفاق في بكين ليست مستدامة، حتى بمساعدة الاستثمار الأجنبي. ولم يكن الجزء المستدام من الاقتصاد (وهو الاستهلاك) قوياً، كما هو معلَن، لكنه الآن أضعف كثيراً بسبب المرض. وحتى الأرقام الرسمية ترسم صورة مروعة. وانخفضت مبيعات التجزئة، وهي مثال جيد للطلب الداخلي للمستهلكين، بنسبة 8.‏4 في المائة خلال الأشهر الـ11 الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، وانخفضت مبيعات السيارات بنسبة 9.‏2 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني). كما انخفض مؤشر أسعار المستهلك في نوفمبر بنسبة 5.‏0 في المائة. ويظهر «الكتاب البيج في الصين»، وهو مسح خاص يحظى بمتابعة واسعة النطاق وصدر مؤخراً، انخفاضاً واضحاً في نمو المبيعات في قطاعات السلع الفاخرة والأغذية والملابس في الربع الأخير من هذا العام مقارنة بالربع السابق. ولم يشهد قطاع السفر أي نمو على الإطلاق، كما توقفت الضيافة أيضاً. وبالإضافة إلى ذلك، يكشف المسح أن مجتمع الأعمال لديه نظرة قاتمة بشكل عام للاقتصاد الصيني ككل، مما يلقي بظلال من الشك على التوقعات المتفائلة لعام 2021.

ويقول المسؤولون الصينيون إن الحياة عادت إلى طبيعتها في الصين، لكن هذا غير مرجح. وقد احتفلت وسائل الإعلام الحكومية بالحشود في مدينة ووهان التي كانت تعاني من قبل، وأشارت إلى أنها المدينة الأكثر زيارة خلال عطلة الأسبوع الذهبي في بداية أكتوبر (تشرين الأول). ومع ذلك، ذكرت ووهان أن عائدات العطلات انخفضت بنسبة 30 في المائة تقريباً مقارنة بالعام الماضي. ورغم أن العطلة كانت أطول يوماً هذا العام مقارنة بعام 2019؛ فقد انخفض الإنفاق السياحي على مستوى البلاد بنسبة مذهلة بلغت 30 في المائة أيضاً.

وفي النهاية، لن يتعافى الاقتصاد إلا عندما يكون لدى الصين لقاح فعال وآمن. ورغم أن الصينيين كان لديهم أشهر سبقوا بها، فإنهم

متأخرون كثيراً عن الولايات المتحدة، التي تمتلك الآن لقاحين حصلا على الموافقة النهائية من «إدارة الغذاء والدواء»، وهما «فايزر-بيونتيك» و«مودرنا» وكل منهما يتمتع بمعدلات فعالية تزيد على 90 في المائة. كما أن لقاح «جونسون آند جونسون» في الطريق.

ولم يستكمل اللقاحان الصينيان، «سينوفاك» و«سينوفارم» المرحلة الثالثة من التجارب بعد، وكانت بكين بطيئة في إصدار البيانات. والأمر المثير للاهتمام هو أن الصين تختبر اللقاحات في الغالب في بلدان أخرى، بما في ذلك المغرب ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة والبرازيل وتركيا وإندونيسيا وتشيلي. والأمر المثير للحيرة هو أن التجارب المختلفة لا تجري بنفس البروتوكولات. وتقول بكين إن الناس وافقوا على تلقي لقاحيها، اللذين يتم إعطاؤهما لعشرات الملايين، لكن هذا بسبب عدم وجود خيار أمام الناس. وفي هونغ كونغ، التي تخضع لإدارة منفصلة عن الصين، يمتلك السكان خياراً، ولذلك فإن العديد منهم يرفضون تلقي اللقاح لأنهم لا يريدون تلقي اللقاحين الصينيين.

واليوم، هناك تفشٍّ لفيروس «كورونا» في جميع أنحاء الصين (وكان آخر تفشٍّ في بكين)، وقد لجأت الحكومة المركزية لعمليات الإغلاق والاختبارات الجماعية وتتبع المخالطين للمصابين… وللأسف، لا توجد معلومات أكثر من ذلك… والسبب في ذلك هو تصميم الحزب الشيوعي الصيني على التحكم في المعلومات.

وقالت كلوديا روسيت، الزميلة في السياسة الخارجية في منتدى المرأة المستقلة لمعهد جيتستون إن «رواية بكين تتحور بشكل أسرع من الفيروس نفسه».

في البداية، أقر المسؤولون الصينيون بأن المرض بدأ في الصين، لكنهم لمحوا منذ ذلك الحين إلى أنه جاء من إيطاليا أو إسبانيا أو الهند أو عبوات الأغذية المجمدة. وفي مارس (آذار)، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية بأن أول مريض بالفيروس كان في الولايات المتحدة ولمح إلى أن الجيش الأميركي حمل فيروس «كورونا» إلى مدينة ووهان، مصدر الفيروس. باختصار، تجنب «مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال» القصة الحقيقية لاستجابة الصين لفيروس «كورونا». ربما تكون بكين قد حققت مكاسب مؤقتة في أعقاب ظهور الفيروس مباشرة، لكن الأهم من ذلك أنها فقدت مكانتها في كل مكان تقريباً بسبب الأعمال الخبيثة والضارة. ولكي تحقق الصين انتعاشاً اقتصادياً مستداماً، فإنها تحتاج إلى هذا الدعم.

وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية بثقة في 27 ديسمبر (كانون الأول): «سيتفوق الناتج المحلي الإجمالي للصين على الولايات المتحدة عاجلاً أم آجلاً»، وذلك في مقال افتتاحي آخر بعنوان «تفوق الصين على الولايات المتحدة في عام 2028 هو مديح فاتر». فهل ستتفوق الصين على الولايات المتحدة بالفعل؟ لا، لن تفعل ذلك.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد