تحوّلات جذرية داخل البيت الأبيض في بداية عهد بايدن
العالم الان – أمضى الفريق الجديد للرئيس جو بايدن الأيام الثلاثة الأولى في البيت الأبيض في مكاتب شبه خالية يبحثون عن لوازم مكتبية ويطلبون مساعدة تقنية، ويحاولون كذلك إنقاذ البلاد من أزمات متعددة.
وتولى هذا الفريق الأربعاء المسؤولية في البلاد الأكثر قوة وثراء في العالم. لكن بعد فترة انتقالية سيئة من إدارة دونالد ترمب، يواجه الموظفون الحاليون بعض المشكلات التي يمكن أن يواجهها أي شخص ينتقل إلى شقة جديدة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وخضعت المساحة بأسرها لعملية تنظيف دقيقة كلفت بحسب «سي.إن.إن» 500 ألف دولار، فيما أعيد تجديد المكتب البيضوي.
لكن الرفوف الفارغة والجدران المجردة من الزخرفة، لا تضفي جواً دافئاً على المكاتب العديدة التي تشغلها المتحدثة جين بساكي وفريقها الإعلامي.
وفي أول يوم لها، اضطرت المسؤولة عن التخطيط في الاتصالات ميغان هايز إلى الكتابة على هاتفها الخليوي لأن الكمبيوتر كان معطلاً. وسأل موظف آخر عن دبابيس للملفات قبل أن ينهمك دون جدوى في البحث بين لوازم مكتبية موضوعة في صندوق كبيرمن الورق المقوّى.
ومع ذلك حتى وإن لم يتسن لفريق بايدن الوقت لتعليق الصور، فقد تمكنوا من تغيير المشهد في البيت الأبيض. وأول فرق واضح هو أن الجميع يضعون كمامات للوقاية من «كوفيد-19». وتؤكد صورة لبايدن موضوعة على مكتبه في اليوم الأول واضعاً كمامة ملامح الحقبة الجديدة، ذلك أن ترمب نادراً ما وضع كمامة علنا، خشية أن توحي صورته بالضعف. وبالتأكيد لم يستخدمها أبداً علنا في المكتب البيضوي.
كما تم تكثيف فحوص كشف الفيروس، في تحول دراماتيكي آخر في مبنى صار بؤرة للإصابات خلال عهد ترمب. وعلى سبيل المثال، خُفض عدد الصحافيين الذين يسمح لهم بالدخول إلى 80 فقط يومياً، وعليهم إضافة إلى وضع الكمامات الخضوع لفحص سريع لكشف أي إصابة بالفيروس.
ويعكس تشديد التدابير أهم أولويات بايدن، وهي القضاء على وباء أودى بأكثر من 400 ألف أميركي وضرب قطاعات كاملة من الاقتصاد.
ولمساعدته في تحقيق ذلك استعاد خبير الأمراض المعدية الطبيب أنطوني فاوتشي الذي مُنع خلال فترة ترمب من التحدث بصراحة.
وولت الأيام التي كان يأتي فيها الرئيس إلى منصة المؤتمرات ليقترح على الناس أن يحقنوا أنفسهم بالكلور لمنع الفيروس، كما فعل ترمب خلال مؤتمر صحافي خارج عن المألوف في أبريل (نيسان) الماضي. كما ولت الأيام عندما كان الرئيس يقاطع الخبراء باستمرار أو يمنعهم من قول ما يريدون.
ومستذكرا تلك اللحظات الخميس قال فاوتشي إنها «لم تكن تبعث على الارتياح لأنها لم تكن قائمة على حقائق علمية». والعودة إلى قاعة الإيجازات الصحافية «والسماح للعلم بأن يتكلم هما نوع من الشعور بالتحرر» بحسب الخبير المخضرم.
وإلى جانب الوعد بالتحدث بصراحة، تقول إدارة بايدن للأميركيين أن يتوقعوا أجواء أكثر هدوءاً. وسيوضع حد للتغريدات العاصفة وإهانة الصحافيين على التلفزيون الوطني، بل ستتوقف الإهانات برمتها.
وقال بايدن لموظفيه في اليوم الأول: «إذا كنتم تعملون معي وسمعت أنكم تعاملون زميلا آخر بعدم احترام، أعدكم بأني سأطردكم على الفور».
كذلك، أكدت بساكي العودة إلى الإيجازات الصحافية اليومية. فعلى مدى سنوات كانت هذه المؤتمرات جزءاً من منظومة البيت الأبيض الإعلامية، ونوعاً من التقاليد المقدسة تقريبا. لكن خلال عهد ترمب، توقفت بطريقة شبه نهائية، وحلت مكانها تغريدات متتالية للرئيس وساعات من المقابلات على محطات تلفزيونية قريبة منه.
وعند حصول إيجازات، وخصوصا تلك التي كانت تتولاها كايلي ماكيناني، كانت حديثاً مملاً من جانب واحد تسخر منه وسائل الإعلام، أكثر منها مؤتمرات صحافية.
في الأيام الثلاثة الأولى، على الأقل، أدارت بساكي عقارب الساعة إلى الوراء.
ويشير تغيّر النبرة خلال عهد بايدن إلى أهداف أكثر عمقا، بحسب الاستاذ في كلية ريتشموند للقانون كارل توباياس الذي يقول: «الأمر يتجاوز الأسلوب، لكن الأسلوب أيضاً مهم… أعتقد أنهم كانوا واضحين بأنهم يريدون تغيير طريقة عمل الحكومة الفدرالية بشكل كبير». ويوضح أن ما يحصل هو «خروج جذري عن أسلوب ترمب الذي كان يتمتّع بخرق كل الأعراف والقواعد والقوانين والتقاليد، حتى اللحظة الأخيرة».