مَتى سَتنتَهي المُعاناة؟ بقلم اية عطالله
العالم الان – ثلاثةٌ وسبعونَ عامًا ما بكمْ مِنْ خَجَلٍ، ثلاثةٌ وسبعونَ عامًا منَ اللامبالاةِ في ذواتِكمْ وضمائِركمْ، والعددُ نفسهُ من الأعوامِ مِن حرقِ قلوبِ أمهاتٍ لمْ يذنبنَ إلا بإنجابهنَّ أبطالَا يدافعونَ عن كرامةِ شعبِهمْ.
أيّها الحُكّامُ، أطفالٌ يُسرقونَ من أحضانِ أمهاتِهمْ وزقاقِ مخيماتِهمْ؛ ليتعرّضوا للمسائلةِ القانونيّةِ، وشبابٌ كالزهرةِ تُنهبُ أعمارُهمْ تُشيبُ قلوبُهمْ وعقولُهمْ، وسُلطاتٍ أحاكتْ الأكاذيبَ وصدّقتها، ألمْ تَروا كيفَ كدّت أمهاتهمْ أنفسهنَّ من أجلِ اللحظةِ التي سيخطو طفلها الخطوةَ الأولى، واللحظةِ التي سينطقُ بها وينادي آبيهِ للمرةِ الأولى، مِمَ خُلِقتم؟ وكأنَكمْ ولَدتكُم أمهاتُكمْ بضمائرٍ ميتةٍ منزوعةٍ من جوفِ أفعالِكُم.
لا نعرفُ عن الأمانِ سِوى المُسمى، كل بيتٍ في أشلاءِ هذا البلدِ المُمزّقِ يرقدُ على توقعهِ بأنْ يستيقظَ وجنديٌ مدججٌ بالأسلحةِ مصوبًا سلاحًا فوقَ رأسِهِ قد اقتحمَ غرفةَ نومِهِ، قد تمرُّ بشارعٍ يقفُ فيهِ جنديٌ أو مستوطنٌ تَشَرَبَ كُره الفلسطيني، لا مانعَ لديه أن يصوبَ سلاحهُ نحوكَ ويخترقَ جسدَكَ برصاصةٍ فيُبكي قلبَ أمّكَ وأختكَ، وربما زوجتَكَ دمًا على مفارقةِ فلذةِ أكبادِهمْ ،زاعمًا محاولتَكَ قتلَه، كمْ مِن الوحشيةِ تملكونَ في قلوبِكمْ السوداء، ارقدوا بسلامٍ أيّها الشهداء، ناموا بأرواحٍ مطمئنةٍ فنحنُ نَرى كذبَهمْ و خداعَهمْ يترعرعُ أينّما ذهبوا، نَرى كيفَ سلبوا الأعمارَ وهم يتقهقهونَ ضحكًا وفخرًا كلّما سَقَطَ شهيدٌ، يعتبرونَ أنفسَهمْ منجزينَ إنجازًا عظيمًا، وكأنّهم يصنعونَ المجدَ، ارقدوا بسلامٍ لم ولن ننساكُمْ في عرشِ الرحمنِ أنتم متربعونَ ودمائُكمْ في قلوبنا باقيةُ.
الحقدُ في قلوبِهمْ منغمسُ، جبناءُ يهرعونَ هلعًا من أطيافنا وقطعة بالية في أيديكم تحملونها تخرقونَ بها أجسادنا وتنسبونَ القوةَ إلى أنفسِكم وأنتم أجبنُ الجبناءِ إذا لمْ تملكوها قاومونا بأجسادِكم ،بالحجارةِ، قاومونا بالصبرِ إن كنتمْ تعرفونَ شيئًا عن المقاومةِ، كم من الجرأةِ امتلكَ ذاكَ الطفلُ حينما حملَ حجرًا بحجمِ كفِّ اليدِ ووقفَ أمامَ الدبابةِ.
كم من الوحشيةِ كنتمْ تملكونَ عندما شققتمْ البيوتَ وشقفتموها إربًا إربًا جعلتمْ الأطفالَ يقبعونَ تحتَ الركامِ يتألمونَ خوفًا من الظلامِ، جعلتموهمْ بلا معينٍ في ظلِّ وحشيتكمْ، كانوا يجتمعونَ بعضهمْ مع بعضٍ يتبادلونَ أطرافَ الحديثِ فيما بينهمْ يروحونَ القليلَ عن أنفسِهمْ ممّا حلَّ بهم، أتعتقدونَ أنّكمْ تفقرونَ الناسَ بما تفعلون؟ أيا فقراءِ الكرامةِ والنخوةِ والصدقِ والأرضِ وكلّ ما يخطرُ على أذهانِكمْ، إنّ الغنى غنى النفسِ والروحِ، ابحثوا عن النقصِ في ذواتِكمْ بلْ بالنقصِ أنتم مشبعونَ.
وإن جعلتمْ من البيوتِ ركامًا ومنَ البلادِ خرابًا، فنعمّرها من جديدٍ حتّى إذا أردنا نجعلُها أجملَ ممّا كانتْ في السابقِ، وهلْ للإنسانِ مكانٌ سوى أرضه؟ تحملُهُ وتكنْ تحتَ إمرته وطوعِهِ، نحنُ نعمرُ ولكنْ أنتم أخرجوا اتركوا الأرضَ بسلامٍ، كلا حدثني ذاكَ الصخرُ الذي يحملُ البيتَ الصندوقي قالَ لي إنني أقاومُ كلّ يومٍ من أجل أن يذهبوا لا أريد أيوائهم مللت وكأنني أنا المثبتُ للبيتِ ومن فيه، أعاتبُ نفسي وكأنني أنا من أحضرتهم هنا، وكأنني قلتُ لهم استعمروا الأرضَ وانهبوا الخيراتِ وغيروا اسمَ كلَّ شبرٍ في هذا البلدِ وانسبوهُ إلى أنفسِكمْ غادِروا إنّ كلّ ما في هذا المكانِ متسني لرحيلكمْ يستاءُ من بقائِكمْ.